علي حسين
يقول الخبر الأول إن أردوغان مصر على أن تبقى طائراته تسرح وتمرح في سماء العراق، ويؤكد الخبر الثاني أن الصواريخ التي قصفت أربيل جاءت من طهران وبمباركتها لمعاقبة إسرائيل، ويقول الخبر الثالث، والأهم، أن وزارة الخارجية العراقية أدانت القصف الذي تعرض له البلد الشقيق "العراق".. الحدث الأبرز ذو شأن خاص حيث امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بعبارات عنصرية تسخر من الأكراد وتتمنى زوالهم من الحياة، وأصحاب هذه التعليقات لا يختلفون بالتوجه عن الذين يرون أن تركيا تدافع عن مصالحها من خلال القصف الجوي.
يا سادة لم يحدث في تاريخ البلدان أن مواطنا يفرح لموت أبناء شعبه، ويصر على أن الصواريخ انطلقت لضرب إسرائيل، وأن طريق تحرير القدس يمر عبر إزالة أربيل من الوجود، وهي نفس النظرية التي لوح بها "القائد الضرورة" عندما أعلن أن طريق تحرير فلسطين يمر عبر الكويت.
طبعاً لا أحد يمكن له أن يصادر حق إيران في أن تدافع عن مصالحها القومية، ولا أعتقد أن مهمتنا الانتقاص من سعي تركيا إلى لعب دور كبير في منطقة الشرق الأوسط، ولكنني أسأل ساستنا الأفاضل، لماذا يرتضون أن يلعبوا دوما دور التابع؟ ولماذا يظهر العقوق ونكران الجميل للعراق فقط؟
هل تتبّع مثلي أخبار بلاد الرافدين؟ هل شاهدت المحللين السياسيين وهم يقسمون بأغلظ الأيمان أنّ لا احد سيجلس على كرسي رئاسة الوزراء من دون موافقة طهران، هل استمعت إلى عزت الشابندر وهو يقول إنّ تشكيل الحكومة العراقية ملفٌ تتولّاه إيران، ومن يريد أن يحجز له مقعداً في المنطقة الخضراء عليه أن يرضي إيران أولاً، وثانياً، وثالثاً؟ هل تعرفون ان بعض ساستنا لا يتخذون قرارا دون اخذ مشورة السلطان اردوغان ، ثم يخرجون يتلمظون" بالوطنية ، من دون أن يدركوا أنه يهينون البلاد التي يتقاضىون منها رواتباً وامتيازات ويمارسون فيها نهب المال العام والضحك على البسطاء؟.
تخبرنا كتب التاريخ ان اثنين من رجال الشيعة الكبار ومثقفيها كانوا أول من تصدى لمشروع الطائفية، وكان صوتهم واضحا وهما محمد رضا الشبيبي وعلي الشرقي، فالاول ارتبط بعلاقات مع معظم ادباء ومثقفي كردستان ، فيما الثاني كان صوته يعلو ضد العنصرية واساليبها الخبيثة، محذرا البعض ممن يتخذ من الطائفة وسيلة لقمع الاخرين ومصادرة حرياتهم، ولا ننسى كيف رفض اهالي الموصل خلال الاستفتاء الذي اجري اثناء الاحتلال البريطاني الانضمام إلى تركيا، ودافعوا عن عروبتهم وتمسكهم بتراب العراق, هذا عراق تربت عليه الأجيال، فلا شيعي ينتمي الى ايران ولا سني يقبل ان يكون جزءا من تركيا، اما اليوم فمشكلتنا ليست في الشعب وإنما في ساسة يتاجرون باسم الطائفة والدين، ويكسب البعض منها ثروات طائلة..بينما تعاني الأغلبية من الإهمال والفساد والرشوة .