واسط / جبار بچاي
"أنت عندك علم هذه القرية طبلوا لاثنين من المرشحين والله وفقهم صعدوا وطكونا 2 سفن و4 بيبسي؟.. يا أخي لو طاكينا بتانكي ماي آر أو عاد نكول ردوا الجميل" بهذه المفردات واللغة البسيطة يتحدث مهند العايدي عن مأساة قرية الربيع الواقعة على بعد 46 كم جنوبي قضاء الحي في محافظة واسط بمحاذاة قضاء الفجر التابع الى ذي قار والتي أنهكها العطش بعد انقطاع المياه كليا عنها.
وأطلق سكان القرية التي تحولت أنهارها الى أماكن لجلسات السمر وتداول الهموم وممارسة رياضة المشي، حزمة مناشدات منها الى الحكومة المحلية ونواب واسط خاصة الذين فازوا عن المنطقة والى ممثل المرجعية في قضاء الحي، كذلك الى وزير الموارد المائية ورئيس مجلس الوزراء لكن تلك المناشدات لم تسفر حتى الآن عن بوادر ايجابية كما يؤكد العايدي الذي أضاف: "لا سبيل للأهالي في قرية الربيع التي لا تحمل من الربيع سوى اسمه غير الهجرة الى أماكن أخرى تاركين أراضيهم التي تعد المصدر الوحيد لمعيشتهم بسبب العطش وشح المياه، بل انعدام وجودها بصورة تامة".
"يربو عدد بيوت قرية الربيع على مئة بيت وكل بيت تسكنه عائلة متوسط عديد أفرداها سبعة"، كما يقول الناشط المدني أحمد البديري مضيفاً أن "القرية تمر بمأساة حقيقية ويعود سبب إهمالها الى هذه الدرجة أنها تقع على الحد الفاصل بين محافظتي واسط والناصرية وكل طرف يرمي الكرة على الآخر بحجة أن القرية غير تابعة له لكنها تتبع في الواقع إدارياً الى محافظة واسط".
وأشار، الى أن "الأهالي في تلك القرية لا توجد لديهم القدرة على المجيء للمدينة بسبب ضعفهم المادي بعد أن تركوا مصدر عيشهم الوحيد وهي الزراعة منذ أربع سنوات بسبب نقص وشح مياه السقي والكثير منهم ترك القرية وهاجر الى المدينة والآخرين في طريقهم الى الهجرة إذا استمرت الأمور هكذا".
وكشف مختار قرية الربيع علي حسين عبود، عن أن "القرية أصبحت منسية تماماً ولا أمل بوضع الحلول والمعالجات للأهالي الذين أصبحوا يتحسرون على مياه الشرب التي كانوا يحصلون عليها من خلال سحب المياه الجوفية بعد الحفر واستخدام مضخات السحب". وأضاف عبود، "حتى المياه الجوفية التي نستخدمها للشرب جفت وإذا حصلنا عليها فهي مالحة جدا ولا يمكن استخدامها لأي غرض كان لذلك نطالب حكومة واسط المحلية بالوقوف معنا والعمل على إيصال المياه الى القرية عن طريق الأنهار التي تتغذى من الغراف وتعد المصدر الرئيس للمياه التي كانت تصل القرية". ولفت، إلى أن "نهايات الأنهار وفروعها الواصلة الى القرية والأراضي التابعة لها أصبحت اليوم أماكن لجلسات السمر بين أهالي القرية وهي ليست جلسات للسمر، بل جلسات لطرح الهموم والمشاكل والمعاناة التي وصلت لها القرية بسبب التجاهل والإهمال".
ويقول عبود، "إذا استمرت الأمور على هذه الحالة ولم تستجب الحكومة لصيحات ومناشدات واستغاثة الأهالي فإننا سنلجأ لتقديم شكوى قضائية في المحاكم المختصة لغرض استحصال حقوقنا وهناك فريق من المحامين المخلصين تطوع لهذه المهمة".
تلك المقترحات والأفكار يؤيدها غياث سعدون مكطاع الذي يقول، إن "قرية الربيع أصبحت خارج كل التصنيفات نتيجة العطش الذي عصف بها وحول آلاف الدونمات التي كانت تزرع بالحنطة والشعير الى أراض جرداء تخلو حتى من الحشائش والنباتات البرية ما دفع الأهالي الى بيع مواشيهم بسبب الجوع والعطش".
ودعا مكطاع، وزير الموارد المائية وقبله محافظ واسط لتشكيل فريق فني لزيارة القرية والاطلاع ميدانيا على واقعها المؤلم وإيجاد المعالجات لها بتخصيص حصة مائية على أقل تقدير تكفي لخزن مياه الشرب والاستخدامات المنزلية.
وأكد، أن "بقاء الحال بهذه الصورة لن يستمر طويلاً وستكون هناك وقفة للأهالي تبدأ بالتظاهر السلمي والمطالبة بالحقوق المشروعة وقد يصاحب ذلك تصعيد في حال استمر الإهمال وعدم الاهتمام بالمطالب المشروعة لأبناء القرية التي أصبحت لا تتعدى غير حصولهم على الماء متناسين نقص الخدمات الأخرى".
في مقابل ذلك أخذت المنظمات المدنية والفرق التطوعية الشبابية تتبنى مطالب القرية والعمل على إيصالها الى أعلى المستويات كما يقول الناشط المدني أياد العايدي الذي أوضح أن "قرية الربيع لم تعد قرية عراقية بسبب الإهمال الحكومي الواضح".
وقال "زرنا هذه القرية وتجولنا بين بيوتاتها وفي الأنهار التي كانت يابسة تماما وخضنا تجربة رياضة المشي فيها لمسافات طويلة وكانت الأمور لا تسر الخاطر أبداً، فالبؤس والشقاء مرسوم على وجوه الكبار والصغار على السواء". وأوضح العايدي، أن فريقه "المدني وباقي الفرق التطوعية الأخرى عازمة على الوقوف مع أهالي هذه القرية وبدأنا بإيصال المناشدات الى محافظ واسط وأعضاء فريق المتابعة والاستجابة السريعة التابع لمكتبه ونأمل بوجود حلول مرضية في القريب العاجل".
وانتهى العايدي، إلى أنه "إذا استمرت الأمور هكذا قد نلجأ لتنظيم تظاهرة لأهالي القرية ومن يقف معهم ويساندهم تكون في بغداد أمام وزارة الموارد المائية أو أمام مقر الحكومة أو البرلمان نطالب فيها بحق القرية المشروع بالحصول على المياه".