علي حسين
لا أعرف كيف توصل الإعلامي أحمد الملا طلال إلى كل هذه المقدرة على إعادة كتابة التاريخ، وهو يشرح للمشاهدين كيف ارتكب عبد الكريم قاسم "حماقته" وأعلن قيام الجمهورية العراقية، ولكني أعرف أن علاقة أحمد الملا طلال بالسياسة مثل علاقة "الحاج راضي" باللغة الهندية، فهي كلها عنده "نحباني للو".. إلا أن الفارق أن القدير سليم البصري "الحاج راضي" غادر دنيانا مثلما ولدته أمه، لامال ولا عقار، ولا شهادات استثمار ولا عشرات الدونمات.
لا يعني ما سبق أي استهانة أو تقليل من قدرات السيد أحمد الملا طلال على الإطلاق، كما لا يعني أي انتقاص مما يقدمه من مواد مسلية.. هى فقط محاولة للتنبيه إلى ما وصل إليه الإعلام في هذه البلاد التي اختلطت فيها الشعارات، وأصبح الحديث عن العراق وتاريخه نوعاً من أنواع السخرية.
ظريفة الديمقراطية العراقية هذه الايام ، وبدلا من ان يتوجه ديوان الوقف الشيعي ومعه رفيقه في رحلة النهب الوقف السني ، صوب الفقراء والمعوزين ، فانهما بعد ان اختلفا على الحصص ، اتفقا على اقامة مؤتمر لمعالجة الالحاد في العراق ، وكأننا بلد لم يدخل في الاسلام بعد !! هل هناك سخرية ديمقراطية اكثر من ذلك ؟ .
حتى هذه اللحظة فإن كثيراً من العراقيين لا يزالون يحتفظون بصورة للراحل عبد الكريم قاسم معلقة على جدران بيوتهم، وسألت البعض لماذا تفضلونه؟ فكان ردهم بجملة واحدة "إنه كان واحداً من البسطاء"، سيقول البعض إن عبد الكريم قاسم أجهض الديمقراطية، وكانت ممارساته السياسية يشوبها الكثير من الارتجال، لكنه وبشهادة أعدائه وفّر للبسطاء من الناس الكثير من الأشياء المهمة، أبرزها سكن لائق، الحق في العلاج والتعليم، توزيع الأراضي على الفلاحين، الإصرار على دعم الصناعة الوطنية، إشاعة روح المواطنة.. والاهم تشكيل حكومة من قامات وطنية وفكرية بوزن وقيمة محمد حديد وعبد اللطيف الشواف ومصطفى علي وحسين جميل ونزيهة الدليمي .
في كل مناسبة للحديث عن تاريخ العراق نجد من يحاول القفز على التاريخ ، صحيح ان ما جرى للعائلة الملكية يعد صفحة سوداء في تاريخ العراق ، لكن الصحيح ايضا ان نتناول هذا التاريخ بحيادية من دون وصايا ، ومن دون شعارات
تطور الإعلام كسلاح تطوراً جذرياً عندما تحوَّل من الخديعة إلى الحقيقة، وصار التلفزيون في كل بيت ومعه صور الخراب والموت وتجار الحروب.. لكننا في العراق لا نزال نصرُّ على أن نعيش في عصر التلفزيون الواحد، وحكايات " الحماقة " والسخرية من آلام الناس ومعاناتهم . لا يريد البعض أن يدرك أن الإعلام قد دخل عصر الحقائق، وأن " المرحوم " غوبلز أصبح من الماضي.
جميع التعليقات 3
عدي باش
حماقة تطاول (ملا طلال) على ثورة 14 تموز المجيدة و الزعيم عبد الكريم قاسم .. سقطة أخلاقية قبل أن تكون مهنية
د.عبد الجليل حسن
احسنت التعبير ودقة المغزى لمن يفهمها.
ابو سداد الخفاجي
احمد ملا طلال...صحفي مغمور...انتشله الكاظمي ليصبح الناطق الرسمي لحكومته...استقال خوفا وهروبا لعدم وجود من يحميه....اعتبره من صحافيي الصدفه العاثره حاله حال سياسيي ما بعد الاحتلال /٢٠٠٣