TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: درسنا ودروس التاريخ!

العمود الثامن: درسنا ودروس التاريخ!

نشر في: 23 مارس, 2022: 12:09 ص

 علي حسين

تبدو وسائل الإعلام العراقية هذه الأيام وكأنها ساحة تدور فيها دوائر الحروب.. لا شيء سوى أخبار معارك المصير، وغضب الساسة بعضهم على بعض.. والأهم القلق الذي يساور البسطاء على مصير هذه البلاد..

وعندما نقرأ تصريحاً لسياسي أو مسؤول نزداد خوفاً إذا ما قررنا أن نتوقف عنده أو نصدقه.. لا أحد يدري إلى متى سيستمر الحال بحرب داحس والغبراء بين سياسيي المحاصصة الطائفية الذين يتصدرون الصفحات الأولى في الكذب وخداع الناس.. والتغطية على الجرائم والمراوغة والنفاق.. يقدمون للخراب وقتاً إضافياً لاجتياح ما تبقى من مساحات الأمل في نفوس الناس.. يكذبون في الصباح.. ويكذبون في الظهيرة.. يعدون بأن يسرعوا في التنمية والبناء وإقامة دولة العدالة الاجتماعية.. فنجدهم يسرعون في الانتهازية واللصوصية وإقصاء الآخر وتخوين الشعب.. كل شيء يبدو عبثياً حين يصر البعض على أنه صاحب الحقيقة المطلقة.. وإذا حاولنا أن ننفض عن أنفسنا رتابة الكلام السياسي الممل الذي نسمعه ونقرأه كل يوم، يقلقنا أن البلاد ما تزال تبحث عن رجال حكماء يقودونها إلى ضفة الأمان والطمأنينة.

نقلّب في الأخبار ذات اليمين وذات الشمال عسى أن نجد أحد مسؤولينا يمارس فضيلة مراجعة النفس والاعتراف بالخطأ، والذي يشكل اليوم جزءاً من نسيج الحكومات المتحضرة، وتاريخ الاعتذارات مليء بالمواقف الصعبة لعدد كبير من المسؤولين في الغرب وهم يخرجون للناس يقدمون اعتذاراتهم، ومعها خطاب الاستقالة بسبب أفعال أضرت بالمصلحة العامة.. عام 1969، اقترع الفرنسيون على الدستور الذي اقترحه ديغول، وحين أعلنت النتائج التي تظهر أن 52% من المواطنين صوتوا ضده.. نجد صباح اليوم التالي صحف فرنسا تنشر على صفحاتها الأولى الخبر التالي: ديغول يقدم استقالته وبيان من سطر واحد "اعتباراً من اليوم سأتوقف عن ممارسة مهامي كرئيس للدولة".

زعامات مبهرة في التاريخ استطاعت بفضل نزاهتها وحكمتها وإصرارها على إشاعة روح العدالة الاجتماعية أن تحدث أكبر التحولات السياسية والاقتصادية في العالم، وحين يطمئن مسؤول منهم إلى أن كل شيء يسير في الطريق الصحيح، ينفض يديه من السلطة ويقرر أن يحتكم لصوت الضمير والناس .

دروس من التاريخ مذلة للآخرين.. دروس مهينة لديمقراطيتنا العشوائية.. أمثولة لنا جميعاً ونحن نرى ساستنا يتعاطون شؤون الحكم بالتقاتل والحقد والتخوين.. درس لنا جميعاً ونحن نشعر بالغثيان حين نسمع البعض من سياسيينا وهم يتحدثون عن التسامح والمحبة والقانون وحكم الضمير ومخافة الله.. دروس تقول لنا أن علينا أن نعرف أنه في هذا البلد.. بلد الأربعين عجيبة وعجيبة.. يخوض معركة الحصول على كراسي البرلمان آلاف المرشحين لم يبلغوا بعد سن الرشد السياسي.. وجه آخر وقبيح في ديمقراطية المحاصصة الطائفية، أن تصبح أبواب المناصب والمنافع مفتوحة للتهافت والتكالب والسعي لإلغاء الآخر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram