عمار ساطع
لا أريد أن أعرّج على الاحداث الدراماتيكيّة السريعة التي سبقت موعد مباراتنا الحاسمة والمهمّة أمام الإمارات التي حان موعد أقامتها بعد ساعات قلائل، مثلما لا أريد أن اتطرّق للظُلم والحيف والجور الذي لحق بفريقنا الوطني، كونه كان الأحق بأن يُضيّف شقيقه في العاصمة بغداد، لولا قرار "فيفا" الجائر بتحويلها قبل أيام الى العاصمة السعودية الرياض.
حتى أُقرّب الصورة أكثر من أي وقت مضى، فإن ما مطلوب من لاعبينا الأفذاذ أكبر بكثير من الضغوطات التي واجهتهم والتداعيات التي تعرّضوا لها خاصّة وأن مواجهة لا تقبل القسمة على أثنين تعني أن طريق البقاء والاستمرار في المُعترك المونديالي المُقبل يتطلّب منهم بذل جهود كبيرة، بل واستثنائية، حتى يتمكّنوا من إبقاء الآمال وإحياء الثقة مُجدّداً بالأسود، وإعادة هوية المنتخب الى حالتها الطبيعية، كما كانت في العقود الماضية.
أراهن على الصحوة التي شعرنا بها جميعاً، مثلما أراهن على عامل البناء النفسي في مواجهة الإمارات، مواجهة ربّما تكون الفيصل في معرفة مستقبل فريقنا الوطني وهو يحثُّ الخُطى في سبيل العودة بالأداء والمستوى والروح وتقديم العرض الذي يثبت للجميع أن رهان المدرّب الوطني أفضل بكثير من فلسفة الأجنبي، وإن روحية التحدّي يجب أن تظهر في لقاء اليوم.
من وجهة نظري الشخصية، أعتقد أن غياب الضغوطات سيولّد نمطية جديدة للاعبينا وهم يخوضون مواجهة من طراز خاص، مواجهة أقلّ ما يمكن القول أنها ستكون البصمة التي افتدقنا اليها منذ شهور مضت، ودفعتنا الى أن ننتظر مثل هكذا يوم، يجب أن نحقّق فيه الإعجاز قبل الإنجاز، لأن كلّ ما تبقّى لمنتخبنا الوطني مباراتين بمجموع 180 دقيقة كفيلة جداً أن تؤسّس للمثل الشائع "العِبرة بالخواتيم" ومواجهة الإمارات اليوم وسوريا يوم الثلاثاء القادم ستعيد بكل تأكيد هيبة منتخبنا، بالاعتماد طبعاً على نتيجتي مباراتي لبنان وإيران ومن ثم كوريا الجنوبية والإمارات، إذا ما صبّت في صالحنا.
وفي تصوّري أيضاً أن الأهم من كلّ ذلك هو أننا عِشنا في تجارب سابقة، ومرّت أجيال لعبت في صفوف منتخبنا في مثل هكذا ظروف وأحوال، فاللعب باحتمالية واحدة، أفضل بكثير من اللعب باحتمالين أثنين، مثلما علينا التذكير بأن المعاناة تّولد لدى الكثيرين فرصة تحقيق النجاحات بغضّ النظر عمّا يواجهه من مشاكل وارهاصات، والنجاح لا يأتي بسهولة، بل بجهود مُضنية وعمل شاق.
وهنا أقول.. هل يعيد التاريخ نفسه؟ هل يمكننا القول أن فرصة الفوز قائمة لدى الملاك الفني ومزروعة في نفوس لاعبينا؟ هل يمكن أن تتحقّق الاحتمالية الأقل وَقْعَاً ونفوز في مباراتين وتصبّ نتيجتي مباراتي الجولتين الأخيرتين من تصفيات مجموعتنا الآسيوية الأولى في صالح أسود الرافدين والملاك الفني والجمهور التوّاق لفرحة العُمر المُرتقبة؟
الجواب سيكون في ملعب الملك فهد الدولي، فعند الشدائد تظهر معادن الرجال الحقيقيين، ورجال مثل رجال العراق سيكونون لها، فهم أهل للثقة في كلّ محنة.
أيها الإخوة، علينا اليوم نسيان ما حدث في المواجهات السابقة، وأدرك أن التاريخ سَيُكتب ولن يرحم، لكن لاعبينا يمكنهم أن يبعثروا ما حدث من اخفاقات وخسارات، من خلال مواجهتي الحسم عبر روحية التحدّي التي يجب أن يواجهون فيها المنافسين الإماراتي والسوري، شريطة أن يضعوا في حساباتهم كيفية التحضير والتركيز والطريقة الأمثل لخوض مواجهة هي أقرب لأن تكون نهائي الكأس، الفوز فيها يعني خطف اللقب.