TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: سَّجل أنا أتهم

العمود الثامن: سَّجل أنا أتهم

نشر في: 24 مارس, 2022: 12:37 ص

 علي حسين

قبل فترة أثارت مجموعة من المثقفين الهنود عاصفة سياسية، عندما وقعت وثيقة ألزمت فيها المثقفين والنخب الهندية بأن يرفضوا أي تكريم تقدمه الحكومة، وكان 41 أديباً هندياً قد رفضوا أعلى تكريم أدبي احتجاجاً على ما يسمونه تنامي مناخ التعصب في البلاد منذ تولي حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي مقاليد السلطة،

آنذاك أصدر عدد من الروائيين والكتاب بياناً قالوا فيه إنهم لم يعودوا قادرين على البقاء صامتين إزاء العديد من حوادث العنف الطائفي وإنهم يشعرون بالغضب من أن كلاً من الحكومة والأكاديمية الوطنية للثقافة، لم تعلق على الهجمات، والتي تتعرض لها النساء والفقراء والمسلمين من قبل الهندوس.

رئيس وزراء الهند لم ينتظر طويلاً فخرج ليقدم اعتذاره لمثقفي الهند، مؤكداً أن حزبه "لم يؤيد يوماً مثل هذه الأفعال العنصرية". ولعل هذه القضية ستدفعنا لأن نطرح سؤال من هي النخبة، ومن يحدد مواصفاتها وما دورها في المجتمع؟.

يخبرنا القاموس الفرنس الشهير "لاروس" بأن كلمة نخبة استخدمت للمرة الأولى في فرنسا عندما احتجت مجموعة من الكتّاب، على رأسها إميل زولا على سجن ومحاكمة ضابط فرنسي اسمه درايفوس العام 1898 زوراً لتبرئة أحد كبار قادة الجيش، فقد نشرت كبريات الصحف الفرنسية على صفحاتها الأولى مقالاً مثيراً لإميل زولا بعنوان "إني أتهم" وفيه يوجه سهام النقد لرئيس الوزراء ووزير الداخلية وقادة الجيش لأنهم زوروا الحقائق، المقال الذي أصبح فيما بعد عنواناً للاحتجاج ودخل قاموس الأدب باعتباره أبلغ بيان ضد التعسف والظلم ، والمثير ان زولا لم يقدم الى المحاكمة ولم يسجن مثلما سجن ناشط مدني عراقي لانه تحدث في الفضائيات عن ملفات فساد تتعلق بمحافظة صلاح الدين .

بالأمس جمعني لقاء قصير مع الصديق والباحث الدكتور فارس كمال نظمي، ووجدته يطرح علامات تعجب حول دور النخب الثقافية في إصلاح البلاد، ويتساءل: كيف يتسنى لأستاذ جامعي أن يصف الاحتجاجات بأنها مضيعة للوقت "ولا توكل خبز"، أعتذر لأنّني رويت حديثاً خاصاً، لكن هذه الأحاديث والتساؤلات تحضر كلما تطلعنا حولنا ورأينا البلد يتفكّك ويضمحل، فيما النخب مشغولة البال بانتظار من سيصبح رئيسا للوزراء، ومن سيتولى الوزارة الفلانية؟.

كان سارتر يقول "إننا"،- ويعني النخبةـ "من سنصنع التغيير لفرنسا، لأننا نعبر عن مشاعر الناس وأحاسيسهم"، في بلادان العالم اليوم نرى أساتذة الجامعة وكبار المثقفين، يخوضون معركة التغيير بصلابة و يصبحون جزءاً من صناعة الحدث اليومي، يصرون على أن تبقى أصواتهم أعلى من أصوات السياسيين.. أما في العراق فقد يأخذ البعض على النخبة ، أنهم يقفون معظم الوقت في منطقة رمادية ليست لها معالم واضحة، في الوقت الذي كان بإمكانهم أن يحركوا المياه الآسنة في "بركة" السياسة والمجتمع، التي يصر فيها ساستنا على إخفاء العلم الوطني جانباً لنعيش تحت رايات مختلفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram