د. فالح الحمــراني
تزامنت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق في 23 آذار مع تكثيف النقاش الإقليمي حول ضرورة احتواء الجمهورية الإسلامية بعد انسحابها المتوقع من العقوبات الدولية. وأظهرت القمة الثلاثية لزعماء إسرائيل ومصر والإمارات العربية المتحدة، التي عقدت مؤخرا في شرم الشيخ، القلق المتزايد للاعبين المحليين من أن استعادة “الاتفاق النووي” في فيينا سيؤدي إلى انتهاك التوازن الأمني. إنهم يريدون إعطاء إجابة على هذا بطريقتهم الخاصة من خلال تعزيز العلاقات.
ولدى وصوله إلى العاصمة السورية، أكد عبد اللهيان على الفور أنه يعتزم التركيز خلال المباحثات على تطوير التعاون الاقتصادي مع دمشق بقوله: “إيران وسوريا في نفس الخندق، ونحن ندعم الشعب السوري والحكومة، وعلاقاتنا الثنائية آخذة في الارتفاع”. ولفت وزير خارجية الجمهورية العربية السورية فيصل المقداد الأنظار إلى أن البلدين ينسقان باستمرار تحركاتهما مع الأخذ في الاعتبار الأحداث التي تجري على الساحة الإقليمية والدولية. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) سانا قوله إن” سوريا تؤيد إقامة أفضل العلاقات بين إيران والدول العربية».
ومع ذلك، فإن الدول العربية التي تمكنت سوريا من استعادة العلاقات الرسمية معها في السنوات الأخيرة أصبحت الآن حذرة للغاية من إيران. وقد تجلى ذلك في المحادثات التي جرت في شرم الشيخ بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ووفقا لصحيفة هآرتس، ناقش المشاركون في الاجتماع فكرة إنشاء تحالف إقليمي من نوع الناتو للتحضير لعواقب انسحاب إيران من العقوبات الدولية. وتخشى الدول من أن تؤدي الشروط التي سيوفرها الجانب الأمريكي لطهران بعد نتائج الحوار “النووي” إلى تشديد سياستها الإقليمية.
كان حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة، قلقون من أن إدارة الرئيس الأمريكي جوزيف بادين تنظر بجدية في استبعاد الحرس الثوري الإسلامي من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بشروط متساهلة وبشكل غير معقول. ذكرت مصادر في الإمارات العربية المتحدة مؤخرا أن أبو ظبي تنظر إلى هذه القضية بنفس الطريقة التي ينظر بها الجانب الإسرائيلي – أي بشكل نقدي. وإذا كان المسؤولون في البيت الأبيض يعتقدون أن تغيير وضع الحرس الثوري سيسهل التفاعل التجاري مع إيران، فإن معارضي هذه المبادرة مقتنعون بأن سلطات الجمهورية الإسلامية ستحصل على تنازل غير معقول يقنعهم بصحة الخط “المتشدد».
ومن المثير للاهتمام، أثيرت خلال القمة على شواطئ البحر الأحمر، القضية السورية أيضا. ووفقا لمصادر رفيعة المستوى في صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أطلع ولي عهد أبو ظبي محاوريه على نتائج زيارة رئيس الجمهورية العربية بشار الأسد مؤخرا لأبو ظبي. كانت زيارة الأسد إلى الإمارات أول زيارة خارجية للزعيم السوري إلى دول الخليج بعد بدء النزاع الأهلي في بلاده. وأفاد محاورو الصحيفة إسرائيلية أن بينيت حاول تقديم حججه فيما يتعلق بمسألة عودة دمشق إلى الأسرة العربية، لكن محمد بن زايد ردا على ذلك قدم مثل هذه المعلومات، والتي وصفها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنها تحمل على التفكير.
بدأت عملية استعادة العلاقات بين الإمارات والحكومة السورية علنيا، قبل أربع سنوات، عندما قررت أبو ظبي إعادة فتح بعثتها الدبلوماسية في دمشق، على الرغم من أنها في دعمت في بداية الانتفاضة معارضي الأسد المسلحين. تم تفسير البراغماتية التي أظهرتها أبو ظبي في السنوات الأخيرة على نطاق واسع على أنها محاولة لتحييد التأثير المتنوع للقيادة الإيرانية على سوريا. ولذلك، فمن الممكن أن الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة أعطى محاوريه في شرم الشيخ بعض الحجج لصالح إعادة تأهيل دمشق من هذه الزاوية.
كان من المتوقع أيضا أن تشكل إسرائيل نفسها أكثر من مرة قناة اتصال مع القيادة السورية من أجل حل المشكلات العملية. علاوة على ذلك، في العام الماضي، دعمت سلطات إسرائيل، وفقا لعدد من التقارير، فكرة إنشاء خط أنابيب للغاز بين مصر، والأردن وسوريا ولبنان. ومع ذلك، فإن العلاقات بين الجيران لديها الكثير من إمكانات الصراع لتكون قادرة على التحدث بثقة عن آفاق استعادتها. علاوة على ذلك، تحاول الدولة اليهودية محاربة النفوذ الإيراني في الجمهورية العربية من خلال الهجمات العسكرية عبر الحدود، والتي تعتبرها دمشق سلوكا لا يغتفر.
ويشكك الخبراء في أن إنهاء العزلة الدولية لسوريا يمكن أن يخدم فكرة الحد من النفوذ الإيراني. في تحليله، يصف حميد رضا عزيزي، الباحث في المعهد الألماني للسياسة والأمن الدوليين، مثل هذه الحسابات بأنها مبالغ فيها. “في أسوأ السيناريوهات بالنسبة للجمهورية الإسلامية، سيكون نفوذها أكبر مما كان عليه في الفترة التي سبقت عام 2011-” ويضيف: منذ دخول الأزمة السورية، شكلت إيران شبكة من الحلفاء المخلصين في الجيش السوري والأجهزة الأمنية. كما تقوم طهران بإنشاء شبكات دعم اجتماعي في جميع أنحاء سوريا، وخاصة في المناطق الشرقية المتاخمة للعراق، وتقدم حوافز مالية وتقدم دعاية أيديولوجية. «السيناريو الأكثر ترجيحا، ووفقا للباحث، التطورات للحداث ستتيح لدمشق، التي توسع نطاق علاقاتها الخارجية، اللعب على تناقضات المصالح بين روسيا وإيران والدول العربية.
• اعتمدت المادة على مواد نشرت في وسائل الإعلام الروسية.