TOP

جريدة المدى > عام > زياد تركي: الفوتوغراف هو الوسيلة التي أسعى بها للوصول الى التصوير السينمائي

زياد تركي: الفوتوغراف هو الوسيلة التي أسعى بها للوصول الى التصوير السينمائي

نشر في: 28 مارس, 2022: 10:56 م

يرى أن السينما في الخيال الذي يقف وراءها حتى تصنع فيلما جيدا وليس قصة مصورة

حاوره: علاء المفرجي

عمل مدير تصوير فيلم «غير صالح» للمخرج عدي رشيد، وهو اول فلم 35 ملم سينمائي صور اثناء الحرب في 2003 مع (جماعة ناجين) الثقافية.

ومدير تصوير الوثائقي «العراق موطني» للمخرج هادي ماهود للتلفزيون الأسترالي، واقام معرضه الفوتوغرافي «هجرة نحو خراب» بجمعية الفنون البصرية، ومؤسسة المدى، معهد غوته، الذي انتقل الى عدة مدن سنغافورة والأردن ودمشق. مخرج السلسلة الوثائقية «هوم تاون بغداد» لصالح مؤسسة اعلام أميركية وحصل على جائزة الويبي 2007 وتم عرض هذه السلسلة على ناشونال جيوغرافيك وقنوات أميركية أخرى. كما عمل مديرا لتصوير فيلم «صمت الراعي» للمخرج رعد مشتت انتاج دائرة السينما والمسرح 2013

الفنان زياد تركي مصور ومنتج ومخرج عراقي يقيم في اميركا، درس المسرح بمعهد الفنون الجميلة في بغداد بمطلع الثمانينات ، ثم نال البكالوريوس في السينما من كلية الفنون الجميلة منتصف التسعينات.. المدى حاورته للحديث عن تجربته الغنية، في السينما، من خلال عمله كمدير تصوير، وايضا الحديث عن أحوال ومشاكل السينما العراقية.

 هل تحدثنا عن عملك كمدير تصوير في عديد من الافلام، من هو المخرج الذي انسجمت معه ، وفي اي فيلم؟

- هناك أشياء يجب ان تقال بمهنية وأشياء اخرى خارج ذلك، دعني اقول في البداية أن الانتاج عندنا ليس له أساس أو موروث، أو قل أصول في صناعة فيلم. فعندما تدخل تجربة إنتاج فيلم مثل (صمت الراعي)، أو فيلم (غير صالح ) فوجودك أنت هو الذي يخلق طبيعة العمل داخل السيت، وهو الذي يعمل ميزان للعلاقات أو الإداء، وكأن الفريق كله يضع خطة لعمل الفيلم.. لأننا ببساطة لا نملك إنتاج.. فدوري بالفيلم يكون عادة أكثر من مدير تصوير .. لكن بشكل عام العين الناقدة، او المتلقي النبه، هو من يستطيع ان يميز عناصر النجاح في الفيلم: مدير تصوير أو المخرج او كتاب السيناريو.. وهكذا. وفي النهاية نحن نعمل كفريق واحد، ومما لا شك فيه أن لكل مبدع لمسة في المُنتج الذي يعمل عليه، ويجب أن يكون منتبها له، يعني ان تكون مديرا للتصوير وتكون غير منتبه للتصوير، ومنتبه فقط للقصة المصورة، هذا معناه وجود اشكالية إبداعية في مهمتك كمدير تصوير، لان العناصر جميعها في الفيلم كالمونتاج والتصوير والإخراج والأزياء والديكور كلها لمسات ابداعية يجب ان تتحسس، وهذا يعني أن الفيلم يخرج لنا بتظافر مجموعة من أشخاص مبدعين وجميعهم يحرص أن تكون لمسته الابداعية بارزة في الفيلم. لذلك ترى في المسابقات والمهرجانات العريقة، تُخصص جوائز لكل مفاصل العمل هذه، وهذا غير متوفر في مهرجانات المنطقة حيث يكون الاهتمام بالمخرج فقط.. لذلك طموحي الطبيعي أن اترك بصمتي في لعمل.

 يشار اليكم انتم كادر عمل فيلم (غير صالح)، انكم حققتم للسينما العراقية السبق في انتاج الاعمال البداعية في العراق ، باعتبار أن العمل انجز بعد 2003 مباشرة ما الذي تحدثنا عنه بخصوص هذه التجربة؟

- فيلم (غير صالح) فيلم عفوي وكان يحمل كل انعكاسات اللحظة، أعني لحظة التغيير التاريخية. فهو لم يكن مخطط له. قام به شباب قرروا ان يصنعوا فيلما من لا فيلم، ومن لا كاميرا، ولم يكن هناك ديجيتال ولا اي شيء آخر في العراق ، وكنا نسمع بذلك فقط .. لكن الإصرار والآمال والاحلام جميعها صُبت في هذا الفيلم. كانت هناك جماعة (ناجين) الثقافية التي أسست في خضم هذه الاحداث ، فهي لم تخطط لشيء سوى عمل ثقافي في لحظة دمار المدينة حيث السلب والنهب، والصراعات السياسية.. فقط كان همهم إنتاج خطاب ثقافي معين، كنا نلتقي في كافيه (حوار) ونتحدث فيما سنعمل، وكانت فكرة انتاج فيلم، نصل فيه الى خارج حدود المحلية، او لتوجيه رسالة للأخر، مفادها أننا باستطاعتنا عمل سينما، وليس حروب ومشاكل فقط. فكان الفيلم الذي عملناه من مواد منتهية الصلاحية، استطاع فريق العمل الحصول عليها من انقاض ودمار بناية دائرة السينما والمسرح.. أنا اعتبر هذه التجربة، تجربة صادقة وتركت اثراً.. وكما تعرف ان جماعة ناجين لم يبق لها اثر .. بما فيها المسرحية التي قدمت، او القصائد او التمثال للراحل باسم حمد في ساحة الفردوس. فكل ذلك لم يكن المقصود منه ان نؤسس لشيء بل تثبت شيئاً، أن هناك أشخاص كان همهم الثقافة وسط الفوضى والدمار.

 هل توقفت عند مخرج معين، أو فيلم معين عملت فيه؟

- الفيلمان الذين عملت بهما بعد 2003 الاول كان لصديق، وحتى كاست الفيلم جميعهم اصدقاء: عدي، فارس، وسمر واخرون.. وتحدثنا عن ظروف صناعته. الفيلم الثاني حاولت ان أقترب من حالة الاحتراف، يعني الاتفاق على الاجور مثلا، وليس مثل التجربة الاولى كانت اندفاع لشباب يريدون أن يصنعوا اول فيلم بعد 2003. فالعمل كان بلا مقابل، بل بالعكس نحن صرفنا على الفيلم.. في (صمت الراعي) مع رعد مشتت كان المخرج متفق مع مدير تصوير اجنبي لا أتذكر جنسيته، ولم يحصل اتفاق معه، وطبعا كان الأمر بسبب عدم وجود انتاج، بمعنى انتاج بأصوله الفنية، فدعاني المخرج للعمل معه، وكانت هناك الكثير من المشكلات مع الجهة المنتجة وهي دائرة السينما والمسرح ، التي لا تملك اي عنصر من عناصر الابداع، يعني تتابع فقط على الانجاز، وهذه جهة تابعة للدولة، ولك ان تتخيل حجم المشكل مع هذه الجهة.. فالمخرجين اسمعهم ويسمعوني، فاستفيد من الجانب الابداعي لهم واعكسه بتجاربي البصرية، لذلك يجب ان تكون العلاقة بين الاثنين علاقة صحية ومنتجة، فالمخرج يرى بالمشهد يكتمل ب20 لقطة ويأتي مدير التصوير ليقترح لقطة واحدة تعبر عن المشهد.. فكلما تكثر حجم اللقطات السردية في المشهد ستقتل اللغة السينمائية، وكنت دائما اذكّر المخرج بهذه الملاحظة.. في ان نختزل ونصنع صورة للمشهد ، وليس صنع مشهد نحقق منه فعل الصورة.

 ماذا عن الفوتوغراف والسينما؟

- الاثنان عندي امر واحد، السينماتوغراف او الفوتوغراف. هما بالنسبة لي شيء واحد واعتبر مشروعي الاساسي هو الفوتوغراف و هو بالضبط الوسيلة التي أسعى إليها الوصول الى في التصوير السينمائي. فأنا أتمرن على الفوتوغراف من اجل الصورة في السينما .. ونجاحي بفيلمين هما (غير صالح) و(صمت الراعي)، كان بسبب عملي بالفوتوغراف، والفوتوغراف بالنسبة لي ليس هدفاً بل هو وسيلة لبلوغ فيلم سينمائي بصري مميز او جيد. كنت اصور فوتوغراف مع مجموعة من المصورين مثل الفنانين فؤاد شاكر وعبد علي مناحي، واحيانا اخرج وحدي أتأمل من زاويتي الخاصة المدينة، اسقّط الصورة البغدادية او صورة بغداد او الزقاق .. وعندما جاءت لحظة الفيلم، كانت هذه الصور هي المصدر الاساسي ، يعني الخزين البصري الذي أملكه عن المدينة اصبح هو الشيء الأساس خاصة بعد القصف. وأصبح هذا السجل حاضرا في عملي .

 معرضك (الهجرة نحو خراب) هل كان مشروعا لتوثيق تحولات المدينة، أم أنعكاس لواقع مأساوي بعد الحرب؟

- ليس عندي أي مشروع للتوثيق، لكني اتفق معك ان المعرض كان يسعى لتسجيل لحظة من ذلك الزمن، وهو يوثق فكرة النزوح او اللجوء وربما كانت تلك اللحظة هي بداية لمواسم قادمة من الخراب .. فالمعرض كان يتنبأ بموسم هجرة لا ينتهي .. فسكان العشوائيات، هم جزء من الحالة، الاطفال والنساء والشيوخ الذين سكنوا مضطرين في معسكرات الجيش ، او قرب مقالع النفايات، او في المؤسسات الحكومية التي تعرضت للخراب.. اذن المعرض كان بداية لهجرة مستمرة نحو الخراب.. والى الان هناك الكثير من المخيمات .. 18 عاماً منذ إقامة المعرض وحتى الان ونحن بهجرات متكررة للعوائل العراقية.. ويبدو لي أن رسالة المعرض هي ما يحصل الان .. فليس هناك هدف توثيقي عندي، فقط أنا مهتم بمضمون الصور في اللحظة التي جرت والتي كانت ملفتة للنظر .. أنت ابن (جريدة الجمهورية) ولك أن تخيل في ان تكون غرفة رئيس التحرير وقاعة التحرير والحياة التي كانت فيها، ملاذا وسكناً مضطرا لعوائل لم تجد لديها سكن بسبب الحروب.

 الغربة والتأثير على انشغالاتك بالعمل في الفضائيات

- هذا السؤال كان معي في كل لحظة منذ عام 2009 وهو زمن مغادرتي بغداد الى الغربة في اميركا وحتى الان.. اسأل نفسي هل نضبت رغم اني لم اعمل الشيء الكثير (فيلمين وسلسلة وثائقية اخرجتها عام 2005 وبوقتها لم تكن معروفة لاننا لم نريد ان تصل الى منطقة الشرق الاوسط .. وعرضت فقط في اميركا في الناشيونال جغرافيك اسمها (هوم تاون بغداد) هلى نضب ابداعي، جاءتني دعوات لافلام في بغداد، فانا بعد لحظة صمت الراعي، قررت عدم العمل في هذا المجال .. فالبيئة العراقية هي التي تهمني وهي مصدر كل شيء.. فرغم احساسي بالسينما بل كل شيء ينطق عندي هو سينما حتى حركاتي والثلج والغربان التي تذكرني بادغار الن بو الذي ابن هذه المدينة اسكن فيها . مما يجعلني قريب من السينما والتفكير بها في الغربة كان لدي مشروع اهم بتقديري من مشاريع اخرى.. وهو عائلتي واولادي هذا المشروع الحياتي بدأ يحتاج الى الكثير مني حيث عملت عاملا في محل للالعاب الرياضية مثلا .. مع ذلك انا خلال هذه الفترة ذهبت الى بغداد وصورت فيلم هو صمت الراعي.. عام 2013 ولكن منذ تلك الفترة وحتى الان لام اقدم اي شيء .

 هل هناك امل للسينما العرقية

بالماضي لم تكن هناك كاميرات او تقنيات ، فالعمل الذي قمت به لفيلم (غير صالح) في المانيا كان يمكن أن نعمله وانت جالس في البيت .. فالتقنيات هذه اصبحت متاحة السينما ليست بالاضاءة ولا بالصوت ، السينما في الخيال الذي يقف وراءها لكي تصنع فيلما جيدا وليس تصنع قصة مصورة بمعنى افلام فيها الحركة (حتى صار بعض الشباب يتمنى ان يصنع فيلم مثل نتيفليكس) هذا معناه صار هناك تراخي بالخيال وبالوعي، وهي اهم عنصرين إن توفرت في فيلم يصبح فيلما ناجحا.. فبعد ان توفرت كل التقنيات التي كانت صعبة جدا لصناع السينما ومع صرنا نشاهد (خواء) .. ولو اني لم اشاهد جميع افلام الشباب القصيرة والطويلة بل شادت بعضها، والذي حصل قسم منه على جوائز .. فاسمح لي ان اقول انها بلا قيمة. . وبما اني بهذا الهاجس احاول ان اصنع فيلما يفتح خط شروع لبدايت جديدة او لنقل لمرحلة جديدة .. وهذا ليس زعما ولا ادعاء عبقرية بل هي مسألة طبيعية بالنسبة لي انا الذي من عمر 14 عاما دخولي لمعهد الفنون الجميلة والدخول الى عالم السينما درست دراما 5 سنوات وتتلمذت على يد كبار المخرجين العراقيين مثل جعفر علي وبسام الوردي، وشهادة الكثير من الفنانين وهذا كله يؤكد ماهيتي كمبدع في السينما .. واستطيع ان ادلو بدلوي انني استطيع ان اضع خط شروع جديد

 ما ذا عن جديدك، هل تحدثنا عنه؟

- منذ عام 2013 فكرت بحكاية لفيلم سينمائي عملت عليه مع صديق وزميل وهو روائي معروف، كتب معي القصة الادبية وسأقوم بكتابة السيناريو له وإخراجه بعد جمع الميزانية المخصصة له.. وهذا المشروع أعمل عليه وأنا بعمر الستين ، لماذا بهذا العمر لان ببساطة العائلة اخذت مني اكثر من عشرين عاما .. كان يمكن ان اخرج فيلم بالأربعين، ولماذا الأربعين؟، لان الحروب والحصار أكلت منا الكثير، وحاولنا ان نبدأ ب 2003 لكن البداية كانت هي النهاية للأسف .. فالعمر اذن لا يهم المهم أني سأخرج بخطابي الابداعي، فأنا غير متوقف لكنني بطيء بسبب الظروف التي مررت بها على الصعيد الشخصي وكذلك الظروف التي مر بها الوطن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

مقالات ذات صلة

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي
عام

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

د. نادية هناويإنَّ الإبداع أمر عام لا يختص بأدب دون أدب ولا يكون لأمة بعينها دون غيرها كما لا يؤثر فيه تفوق مادي أو تقدم حضاري، بل الآداب تأخذ وتعطي ولا يهم إن كان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram