عمار ساطع
لا جديد يُذكر فيما حصل من خروجٍ واقعي ومنطقي إن صحّ التعبير لمنتخبنا الوطني من تصفيات كأس العالم 2022، فالمُعتاد أننا نشارك ونخرج، أو ننافس ونودّع، ولكن هذه المرّة كان الوداع مبكّراً، وإن كان هناك بصيص أمل ضعيف في بلوغ المُلحق على أقل تقدير، لكنه كان صعب المنال كونه مُرتبط بأجندة نتيجة منتخب منافس آخر!
أتمنى من الجميع أن يتركوا التجريح ويتجهوا صوب التصحيح، مثلما آمل من الكثيرين أن لا يبيعوا أو يزايدوا فيما حصل من سيناريو الخروج الأليم، مثلما أتوسّم من الذين أعَنيهم تماماً أن يبتعدوا عن إلقاءِ الدروس والمحاضرات أو يحاولون تسليط الضوء عمّا واجهناه في رحلة مُضنية في تصفيات أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها (فوبيا) التكرار لا تختلف عن كل مشاركاتنا السابقة في التصفيات.
نعم أتمنى من مقدّمي البرامج أن يكفّوا عن شرب القدح الفارغ من الماء أو يجلدوا بسياطهم القطني من يجدونه أمامهم حتى يثيروا الشارع وينالوا من اعجابات وتفاعلات في صفحاتهم المليئة بِمَن هُم ليس لهم أي علاقة لا بكرة القدم ولا حتى بالرياضة أصلاً، باعتبار أنهم ارقام وهذه الارقام لن تصحّح الخطأ مطلقاً!
أعتقد ان القلة القليلة سيكونون غاضبين من سطوري التي وردت، لأنها منطقية بدرجة تقترب مما حصل من أزمة لم تبدأ من خروجنا الرسمي من رحلة التصفيات، بل انطلقت منذ أن أبقينا الود في تفاعل مستمر مع وعود التعويض والعودة مع ديك ادفوكات، وقبلها حتى مع كاتانيتش الذي أضاع هوية المنتخب في المنامة، نتيجة عناده وتَزَمُته في آراءه التي خيّب بها آمالنا يوم خرجنا من مواجهة الاحتمالين، بخسارة مستحقة طبعاً، أمام إيران وخسرنا الخيط والعصفور معاً!
وحينما أقول الخيط والعصفور، انما أعني هنا تحديداً، الصدارة التي مرحنا فيها منذ بداية التصفيات الأولية والهوية التي فشلنا الى استردادها حتى أمام هونغ كونغ وكمبوديا، لكن هناك من يريد أن يقلب الحقائق ويأتي بأكاذيب ماسخة، يستجدي من خلالها عطف الجماهير على اعتبارات ترتبط بالسوشيال ميديا أولاً وتبتعد كل البُعد عن إيجاد الخطوات التي من شأنها أن تصحّح الموقف وتعيد الاعتبار لمنتخبٍ كان يشكّل بعباً لكل المنتخبات، ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل على درجة منتخبات القارّة الآسيوية وحتى العالمية!
وحتى نصل الى نقطة التلاقي أو التلاقح المنطقي، فأن علينا ان نستذكر من هم الذين عاشوا في جلباب البحث عن المشكلة بهدف خلط الأوراق، كما حصل في فترة إبعاد كاتانيتش، والمجيء بِأدفوكات ومن ثم التحوّل الى بتروفيتش وصولاً الى عبد الغني شهد، أليس هم ذاتهم الذين حرّكوا الشارع الرياضي وعشّاق كرة القدم مع كلِ خسارة وفي كل نتيجة تعادل كان يحققها المنتخب!؟ أليس هم ذاتهم الذين استذكروا استدعاء هذا اللاعب او ذاك وابعاد وتهميش فلان من اللاعبين!؟ اليس هم أنفسهم من كانوا ينتقصون من اي تشكيلة يختارها المدربين الذين اشرفوا على المنتخبات في رحلة التصفيات!؟ اين كانت ألسنهم في عملية التصحيح والنقد البَنّاء الذي غادر أقلام من تعلوا أصواتهم وشجّعَ من شجّعَ الآخرين في حملات لا تُغني ولا تسمن من جوعٍ؟!
أقول.. حينما تابعت مباراتنا امام سوريا في دُبي، والاخيرة بمشوارنا في التصفيات المونديالية، كنتُ اربط تلك اللحظات بما كان عليه الحال قبل نحو 37 عاماً، يوم بَلَغنا كأس العالم للمرة الأولى وهي المرّة الوحيدة، لكن بعد أن تابعت كيفية خروج منتخبات مهمة تملك ما تملكهُ من إمكانيات ومستويات عالية من لاعبين محترفين مثل مصر التي ودّع منتخبها المونديال المقبل من بوّابة التصفيات وعبر ركلات الحظ، دخلت في دوّامة من التساؤلات الجديدة، قبل أن تأتي الطامة الكبرى وفي اللحظات الاخيرة لِتُبعد منتخب الجزائر، بطل العرب، وصاحب الصولات والجولات، حينها قلت مع نفسي: ان السيناريو مختلف، غير ان القضية مرتبطة مع بعضها، عنوانه عدم التأهل، وهو ما ينطبق تماماً بعدم تأهّل منتخب إيطاليا صاحب الهيبة الكبيرة والتاريخ العريق.
أجل.. ماذا ستقول هذه المنتخبات التي لن تصل الى قطر، وماذا سنفعل نحنُ أمام هكذا حال، مع انني لست مع التبرير أو إيجاد المسوّغات لخروجنا، لكننا الواقعية تفرض علينا أن نبتعد عن العاطفة ونتحكّم الى عقول ناضجة تعمل على تفعيل التغيير بداية من الدوريات بمختلف درجاتها وفئاتها العمرية شريطة أن تكون إلزامية مع زيادة في الاهتمام بمنتخبات رديفة وبديلة الهدف الأساسي منها ضخّ دماء جديدة في صفوف المنتخب الوطني عبر مشاركات خارجية متعدّدة، هذه هي أبسط الحلول التي تمتد ما بين 3 الى 5 أعوام!