TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: معذرة.. لا نثق بكم

جملة مفيدة: معذرة.. لا نثق بكم

نشر في: 10 إبريل, 2022: 12:25 ص

 عبد المنعم الأعسم

تسويق فكرة "الانسداد السياسي" وصل الى ما يشبه القوانة المكررة على مدار الساعة حول امل مستحيل بالنجاة بين متحاورين متعبين في قارب آيل للغرق، فكل ما يقال عن حل قريب، أو تسوية في الطريق، او نور في نهاية النفق، أو حكمة ستنتصر في نهاية المطاف، لا تعدو، وغيرها من الديباجات، عن كونها رطانات مملة تنتقل من داعية الى آخر، ومن قناة الى اخرى، فيما الجمهور بوادٍ وهم في وادٍ آخر.

الانسداد في العملية السياسية حيال ما تبقى من استحقاقات دستورية لاختيار رئاستي الدولة والحكومة صناعة اعلامية ابتدعتها الاقلية البرلمانية لفرض حكومة توافق كارثية تكرر نظام المحاصصة وتضمن وجود نفس اللاعبين الفاشلين الفاسدين المطلوبين للحساب، في الحكومة والمعارضة معا، وهو الحل الذي يتمسكون به لتنفيس الانسداد بما يروض الشارع ويضع كابوس الاحتجاجات وبرميل الغضب تحت السيطرة.

والحال، فان الانسداد الحقيقي ليس في طريق التفاهمات بين الكتل السياسية المختلفة، بل بين هذه الكتل والجمهور، وحصرا بين اصحاب الانسداد والملايين العراقية، إذْ لا يحتاج المراقب الى وسائل افتراضية، او الى المزيد من تقليب الامور والاحتمالات، وتملّي الارهاصات لكي يتأكد من انهم يتصرفون بانفعال ولجاجة لكي لا يبتعدوا عن قرار السلطة، وهم بذلك يحرثون في البحر فيما يتعلق بكسب ثقة الشعب فثمة يقين لا حدود له بان مشاريع التسوية المعبر عنها في الحديث عن حكومة توافق تضم جميع الفرقاء، ستشكل خيبة أمل لدى الملايين العراقية، ولا حاجة للتحذير من جنس ردود الافعال الناتجة عن خيبات الامل في كل المحطات السابقة.

فقد كانت الملايين سخية في الصبر على المهانات والاحتياجات والوعود المغشوشة وقدمت وتقدم كل ما يعطي الفرصة للطبقة التي حكمت لكي تتعظ من الدروس، وتكف عن الجشع والاستحواذ، عن رضى او عن خوف، على كف حسن الظن او على مضض، بانتظار ان تستيقظ فيهم الشفقة، وتلوح منهم امارات الرحمة، ويتراجعون ويسترجعون.

قدمت الملايين وتقدم سكوتها الغالي، دماءها الزكية، تسامحها الجميل، مديحها الباذخ، لقمة عيشها.. جلودها ودموعها وما تملك من فتيان بعمر الورد جادوا بارواحهم دفاعا عن مناصبكم وامبراطوريات حاشيتكم.

الملايين التي دستم على كراماتها واحلامها وعوزها، الملايين المسبية والمهمشة، امهات الضحايا، ثلاثة ملايين ارملة، طوابير الشابات والشبان الذين اغلقتم ابواب العمل والمستقبل دونهم، مشمورون خارج الحدود وخارج ضمانات العيش وخارج موصوف المواطنة، تفصح، في هذا المنعطف الخطير، عن انسدادها حيال وعودكم لها، وتعلن: معذرة اننا لا نثق بكم.. وهذا اضعف الايمان.

استدراك:

"أن تصدق نفسك اسوأ من انْ تكذب على غيرك"

محمود درويش

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram