رعد العراقي
لا أخفي حجم القلق الذي كان يراودني وأظنّ أنه ذاته كل يشغل أفكار الجماهير الكروية وهي تتابع مهمة نادي القوة الجوية في أولى مبارياته أمام نادي الجزيرة الإماراتي ضمن المجموعة الثانية لدوري أبطال آسيا 2022 المقامة في الرياض،
ومصدر القلق لا يتعلّق فقط بقوة وجاهزية المنافس وإنما بالمسؤولية الكبيرة التي تكفّل الصقور في حملها للدفاع عمّا تبقّى من هيبة ومكانة للكرة العراقية التي اهتزّت كثيراً بعد فشل التأهل الى نهائيات كأس العالم في قطر 2022 وما تبعها من اهتزاز واسع لروابط الثقة بقدرة اللاعبين والكوادر التدريبية في الخروج من دوّامة الانهيار النفسي الذي أصاب منظومة الكرة العراقية.
نجح الصقور وبامتياز في كسر كلّ التوقّعات وأطاحوا بأحد الأندية المرشّحة للمنافسة على إحدى بطاقات التأهّل عن المجموعة بعد الفوز عليه بهدفين لهدف، واقتناص أوّل ثلاث نقاط لهم كانت كافية لأن ترسم الفرحة على وجوه الجماهير، وتثبت بما لا يقبل الشكّ قدرة اللاعبين على كسر حاجز النحس الذي أصاب كرتنا خلال الفترة الماضية.
المُفرح أن انتصار القوة الجوية لم يأتِ بضربة حظ أو لضُعف الفريق المنافس الذي كان يتسلّح بقوة المحترفين وكادره التدريبي وإنما جاء عن جدارة واستحقاق بعد أن نجح في فرض سيطرته على أرجاء الملعب أغلب أوقات المباراة، وقيّد كل مفاتيح اللعب أمامهم قبل أن يُباغت بهجمات خاطفة أربكت حسابات المدرب الهولندي مارسيل كايزر الذي اعترف بنهاية المباراة بإصابة لاعبيه بالأرهاق في الجزء الأخير من المباراة، وهو ما سبّب في عدم الاندفاع هجومياً لتعديل النتيجة، ويؤكد على إيجابية أداء الصقور أثناء المباراة وقدرتهم على استنزاف القوة البدنية للاعبي الجزيرة الإماراتي.
الحقّ أن الكابتن حكيم شاكر وكادره الإداري والفني تألقوا في رسم سيناريو المباراة واستثارة مجسّات القوة الكامنة للاعبين عبر التحضير النفسي واختيار التكتيك المناسب داخل الميدان وتوزيع الجهد البدني والتوظيف العالي لقدرة اللاعبين وهو ما اسهم في إدارة المباراة بالشكل والأسلوب المرسوم له، الأمر الذي شكّل ردّاً بليغاً للمشكّكين بقدرة المدرب المحلي بشكل عام وقدرة حكيم الفنية التي تعرّضت لأوقات سابقة الى هجمات وانتقادات غير مبرّرة عقب تركه مهمّته مع نادي الفيصلي الأردني بعد نحو أسبوعين على تعاقده معه.
اليوم تنتظر الصقور جولة أخرى عنوانها التمسّك بطريق النجاح، ومواصلة حصد النقاط حين يلتقي فريق مومباي سيتي الهندي في ثاني مبارياته في المجموعة، قد تشكّل مفترق طرق خلال مسيرته للمنافسة على بطاقة التأهّل، وبنفس الوقت تؤكّد على مغادرة عقدة الاخفاق والتذبذب بالنتائج بشكل نهائي وصولاً الى فرض الذات بالتأهّل بقوة الأداء دون الاعتماد على خدمة نتائج الفرق الأخرى التي طالما كانت سبباً في فشل كرتنا في مناسبات كثيرة.
باختصار، أبناء حكيم مطالبين بمواصلة التحليق الآمن في سماء الرياض متألقين بالنتائج والأداء، فما أصاب الكرة العراقية ليست سوى كبوة فارس أصيل قادر على النهوض سريعاً ومغادرة ميدان الاخفاق الذي فرضته ظروف الفشل الإداري المُرتبك بأداء وقيود الحصار الرياضي المُفتعل منذ سنوات طويلة، أما روابط الجماهير الكروية بمختلف إنتماءاتها الناديوية، ستكون خلف ممثل الوطن، داعمة لهم ومنتظرة بشائر الانتصار الثاني للصقور عسى أن تكون بداية فتح صفحة جديدة لكرتنا عابرة لسوء الحظّ والنحسّ ودرس يستفيد منه المشكّكون بالمواهب الكروية العراقية.