محمد حمدي
ليس في العراق فقط، بل في جميع أرجاء المعمورة، اعتاد الناس على التعامل مع الحملات الانتخابية بين فاصلين قبل وبعد الانتخابات ولجميع الأمكنة والمناصب، بما فيها التي يكون طابعها اجتماعياً بحتاً، وشتّان بين الأثنين، فقبل الانتخاب تكون فتاهم المُدلّل ومن يطمعون لخدمتك، وبعد الانتخاب يكون الهروب منك أفظع من هروبهم من الأسد!
اتذكّر جملة من الحوادث مع كمّ الرسائل والاشعارات التي تصلنا عن انتخابات نقابة الصحفيين العراقيين، والجميع يطلق حملة وعود بعيدة كل البُعد عن الواقع من قبيل (معي حقوقكم أمانة) و (سأكون أوّل من يطالب برفع الحيف عن الصحفي) ولم نجد من يبحث عن بديل انهيار الصحافة الورقية وتسريح مئات العاملين فيها بعد أن فقدنا هوية إعلامية كبيرة عمرها قرون من الزمن ولعبت دورها في صياغة التاريخ والدفاع عن حقوق أمة.
وليس ببعيد عن الانتخابات الصحفية هناك تجربة أكثر وضوحاً لدى جميع الزملاء العاملين في الإعلام الرياضي والصحافة وهي الدورة الماضية لانتخابات الاتحاد العراقي للصحفيين الرياضيين، وما كنّا نأمله من تغييرات إيجابية تخصّ تهميش الصحافة الرياضية والعاملين فيها بعد طول معاناة من دورات سابقة كانت التسمية حاضرة بها والفعل غائب وبذريعة جاهزة وحجج أكثر حضوراً تخصّ التمويل الذاتي والعمل والمكان والروتين والتقاطعات مع المؤسّسات الرياضية وقصر ذات اليد.
نفهم كلّ هذه الظروف مجتمعة وندرك ونقدّر عُقم التعامل وخوض الصعوبات وسط أمواج متلاطمة، ولكن مالا نعرفه هو الانعزال والبرود في التعاطي مع قضايا الصحافة الرياضية والامعان في تهميش الصحفي الرياضي الى مرحلة كسر العظم وطمس الهوية، قد يتصوّر البعض أن الموضوع يختصّ بالايفادات التي قُبرت الى غير رجعة، واكتفي بهذه الإشارة دون الخوض بتفاصيل مؤلمة تخصّ المنسّق والمدبّر وابن العم والخال والأقربون أولى بمجاملة هذا الاتحاد وذاك، ولكن هناك ما هو أهم ونخصّ منها منحة الصحفيين الرياضيين الروّاد الذين صدرت بحقهم الموافقات الاصولية وتقاذف كرتهم نواب البرلمان وأوّلهم رئيس لجنة الشباب والرياضة البرلمانية السابق الذي ناور بالتصريحات وحُبّ الظهور الإعلامي، وكان أوّل من يسحب يده عن الصحفيين الروّاد واستحقاقاتهم في الوقت الذي تدّعي فيه وزارة الشباب والرياضة أنها جهة تنفيذية فقط ولا شيء أكثر من ذلك، فيما تقودنا العُتمة الى أن الملف تم تحويله لوزارة الثقافة.
جميع الإخوة في الاتحاد هم زُملاء واصدقاء وتربطنا بهم علاقات طيبة، وبالتأكيد فإن الحديث الذي نبوح به اليوم هو واقع حال تفكير أغلب الزملاء إن لم يكن كلّهم، أما التذرّع بالصعوبات وقصر ذات اليد فهو أمر لا يغني عن المحاولة الحقيقية والعمل لفعل شيء أفضل من السكون حدّ الضجر ومن يريد أن يرفع مكانه وموقعه لابدّ له أن يؤثر بفعل صحيح أو محاولات على أقلّ تقدير.
نريد أن نلمس بعض العمل ونتفاعل معه، فنحن إعلام أوّلاً وأخيراً ويقال إننا سُلطة، فهل نعي التسميات أم أن (الغريق لا يخشى من البلل)؟ ليكن ما يكون، وليقُل من يريد أن يتقوّل فالواقع هو أن التسميات وجدت كتسميات والافعال غائبة تماماً!
هذا هو ما يُدمي القلب والضمير معاً، التهميش والوجود على الورق فقط، ومن يريد أن ينفع نفسه فبجهد ذاتي ليس أكثر من ذلك، والأمثلة حاضرة وكثيرة جداً تصل الى حدّ العجز من توفير باج دخول مباراة في البصرة أو الاتصال بزميل يعاني الأمرّين من المرض والظلم الذي لحق به من مؤسسة، حالة من الضعف وخيبة أمل تنتاب أغلب الزملاء في المهنة وما أنقله اليوم هو واقع حال يؤيّده حتى الزملاء في الاتحاد أو بعضهم.
أخيراً.. نقطة مُضيئة شجاعة لابد أن نسجّلها للزميل جمعة الثامر بإعلانه الاستقالة كإشارة صريحة جداً إلى الخلل والرغبة في التغيير وإن يكن بأضعف الإيمان.