TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: اختيار عراقي

العمود الثامن: اختيار عراقي

نشر في: 13 إبريل, 2022: 12:00 ص

 علي حسين

مع بداية شهر رمضان من كل عام تتحول الفضائيات إلى سوق يطرح كل ما هو جديد في مجال الدراما التلفزيونية، وصارت المسلسلات التلفزيونية صناعة قائمة بذاتها لها جمهور واسع يتابع أبطاله المفضلين، وفي كل عام تبرز وجوه جديدة، وتتألق وجوه قديمة، وتُطرح موضوعات شائكة، وأخرى مكررة ومملة، والجيد منها يجد استحساناً وفرحاً حقيقياً في متابعة أحداثه.

ومثل كل عام أمنّي النفس بمسلسل تلفزيوني عراقي يسلط الضوء على أزمتنا الحقيقية، وأن تكون هناك مادة درامية جذابة ومفيدة، بعيداً عن كوميديا المواقف، والبكاء على الأطلال والنكات السمجة. بعد تسعة عشر عاماً من الخراب، تبدو الدراما مهزومة، لم تستطع أن تقدم لنا الصورة الحقيقية للخراب الذي يحيط بنا من كل جانب، وفي الوقت الذي نتابع فيه مسلسلاً مثل "الاختيار" يفضح التنظيمات السياسية التي تتاجر بالدين، وآخر ينتصر للمراة في " فاتن أمل حربي " ، نجد ان بعض احزابنا مصرة على عدم اقرار قانون العنف الاسري .

في مسلسل الاختيار تتضح الصورة الحقيقية لتنظيم الأخوان المسلمين الذين أرادوا لخطابهم الانتهازي والمتلون أن يصبح قانوناً حتى لو اقتضى الأمر بقوة السلاح والترهيب، وقد استطاع المسلسل أن يتوجه إلى المشاهد ليضمه إلى قائمة الرافضين لهذه الجماعات التي لا تؤمن بالوطن، فكان أن أعاد حكاية هذه الجماعة التي لا تؤمن بالسلام، مسلسل استطاع أن يمزج بين الوثائقي والدراما، يوثق كل لقطات الإرهاب، ومحاولة السيطرة على الدولة، وإشاعة الفوضى من أجل الوثوب على كرسي السلطة، وأنا أتابع مسلسل الاختيار تذكرت ما يجري في هذه البلاد من دراما وحوارات سياسية مضحكة ينافس أبطالها نجوم الكوميديا، وقفشات تتسابق لتنال موقعاً على واجهة الشاشات الفضائية، من أجل أن تصيب المشاهد بتخمة تتوازى مع تخمة الموائد في رمضان، مع فقر في الخدمات وشارع يعج بالعاطلين، وعشائر تصر على أنها صاحبة الدولة، ومواطن مغلوب على أمره.. أليست هذه دراما أغنى مما قدمته بعض الفضائيات العراقية؟ أرجو ألا يظن أحد أنني أسخرُ من الدراما العراقية، أو أصر على التعريض بساستنا "الأفاضل"، فما يجري هو تجاوز فــن السخرية بمراحل كبيرة، لكنني أحاول القول: إننا بحاجة إلى ضوء ساطع يكشف كل هذا الزيف الذي يحيط بنا، ويفضح تجار الشعارات الطائفية، وأعتقد أن الدراما قادرة على أن تصبح ضوءاً كاشفاً يأخذ بيد المواطن العراقي نحو المستقبل.

نحتاج إلى مسلسل درامي يفضح الساسة الذين تحولوا إلى قطاع طرق الديمقراطية، والذين يعتقدون أن السياسة هي فن خطف البلاد وتخريبهافي وضح النهار، وإدخال البلدان إلى متاهات الطائفية والانتهازية، سلطة مهمتها الاولى تفقير البلاد وجعلها تابعة وضعيفة وترسيخ مثلث "الجهل والخوف والتخلف".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram