علي حسين
عندما تقرأ في الأخبار أن مدينة مثل الشطرة تسيطر عليها بعض العشائر وتفرض قانونها على مؤسسات الدولة وعلى المواطنين. وعندما تسمع أن عشيرة لم يعجبها حكم القضاء بتبرئة مواطن، فقررت أن تعدمه في الشارع أمام أنظار القوات الأمنية التي كانت مهمتها حماية هذا المواطن .
وعندما تشاهد القوات الأمنية عاجزة عن الوقوف بوجه عشائر خارجة على القانون. وعندما تقرر عشيرة أن تقتل ضابطاً كبيراً في الجيش ذنبه الوحيد أنه حاول التوسط لفض نزاع عشائري . فعلينا أن ندرك أن القانون تحول إلى مادة فكاهية يمكنها أن تقدم من على شاشات الفضائيات.. وكنا قبل هذا قد عشنا في هذه البلاد فواصل من الاستعراضات الطائفية والعشائرية قادها مسؤولون كبار.
ويذكر التاريخ القريب جيداً أن هذه العشائر التي تتباهى الآن بأسلحتها الثقيلة كانت تهتف بالروح بالدم للقائد الضرورة، لكنها هذه الايام وجدت في ضعف الدولة طريقاً لابتزاز المواطن المسكين وإرهابه، ومن المضحك أنه بعد 2003 أصرت هذه العشائر على أنها كانت معارضة للنظام السابق، وحصل الكثير من شيوخها على امتيازات ومقاولات.
إن المشهد يبدو مثيراً للدهشة حين يقف البعض وسط البرلمان ليطالب بـ"ضرورة تشريع قانون المجلس الوطني للعشائر لتهذيب الأعراف الطارئة على المجتمع العراقي، ولكي يكتسب ما ينظمه المجلس صبغة قانونية للالتزام بما يصدر عنه في القضاء على العادات والتقاليد السيئة".
الجزء الأكبر من أخبار هذه البلاد مضحك، وكان أشدّها سخريةً هو الخبر الذي صفقت له وزارة المالية والذي يقول إن الناتج المحلي العراقي سيتجاوز قطر والسعودية والإمارات، ولكي تكتمل الفكاهة فقد أخبرنا أصحاب الخبر الغريب أن "العراق سيكون الأعلى أيضا من بين الدول العربية من حيث نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2022"، ولن أحيلكم الى تصريح لوزارة التخطيط يوم 10 من هذا الشهر والذي أكدت فيه، ارتفاع نسبة الفقر في البلاد عام 2022 ، أعرف قليلاً في الاقتصاد ، لكنني أعرف أن الفقراء في العراق لا تشغلهم تقارير البنك الدولي ولا يهتمون لابتسامات وزير المالية، ولا يهمهم تحول هيثم الجبوري إلى آدم سمث العراق، فقررت الدولة أن تستعين به مستشاراً لوضع العراق على قاطرة المستقبل.. وأعتقد أن العراقيين لا يشغلهم كم تبلغ نسبة النمو، ولا تشغلهم بيانات البنك الدولي عن ثمار التنمية، كل ما يشغلهم عجزهم الشخصي عن تلبية احتياجات أسرهم، وأن يملكوا مالاً كي يروا ثمار التنمية في سكن صحي وكهرباء مستقرة ومستقبل آمن لأبنائهم.
ما ينبغي أن نلفت إليه نظر كل المسؤولين في بلاد ما بين النهرين ، هو أن يسألوا أنفسهم لماذا لا تصدقهم الناس؟.