اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مواطنون لا رعايا

العمود الثامن: مواطنون لا رعايا

نشر في: 26 إبريل, 2022: 12:20 ص

 علي حسين

في مرات كثيرة لا أعرف ماذا أفعل حين أقرأ ما يكتبه بعض المحسوبين على مهنة الصحافة، هل أضحك من العبث والكوميديا السوداء، أم أصمت من شدة الكآبة والحزن، من أبرز المضحكات والمبكيات التي حاصرتني الأسبوع الماضي ما قاله احد "المحللين السياسيين"، "إن أهم ما تحقق في العراق بعد 2003 هو التجربة الديمقراطية التي تعد الأفضل في المنطقة".

لا أريد أن ألوم صاحبنا "المحلل" فهو رجل على باب الله، فقبله قرأنا ما هو أكثر كوميدية، حين أخبرنا همام حمودي أن مشكلة العراق هي جرعة الديمقراطية الزائدة التي منحت للشعب.

ينسى البعض أنه من العبث أن تبذل مجهوداً كي تحاول إقناع عاطل عن العمل، بأن الديمقراطية العراقية غيرت مصائر الناس نحو الأحسن، ومن السذاجة أيضا أن تحاول ذلك مع أرملة تنتظر أن تلتفت إليها الدولة.. إن تقييم البسطاء وإحساسهم الفطري يظل أحد المعايير المهمة في الحكم على التجربة السياسية.

بعد تسعة عشر عاماً من التغيير أعتقد أن العراقيين مستعدون أن يسامحوا جميع السياسيين والمسؤولين على الكوارث التي مرت بهم خلال السنوات الماضية، إذا شعروا بأن هناك بصيصاً من الأمل يحمله الغد إليهم.. يستطيع السياسي أو المسؤول أن يقول ما يشاء عن نواياه وخططه المستقبلية وعن الخير الذي يخبّئه للعباد، لكن المواطن المسكين يريد أشياء ملموسة، هذا المواطن لن تسد "الخطابات" وبرامج "التوك شو" ومقولة سحر عباس جميل التاريخية وهي ترحب بسليم الجبوري: "إنطي الخبز لخبازته حتى لو تاكل نصه"، لن تسكت جوع أطفاله، هذا المواطن لن توفر له شعارات براقة مثل "الإصلاح" و"نداء الوطن"، سكناً لائقاً ولاعلاجاً صحياً في مستشفيات متطورة.. هذا المواطن لا يمكن الضحك عليه بشعار "القضاء على الفساد" وهو يرى أن الكهرباء وحدها نهبت من أمواله أكثر من ميزانية دولة مثل مصر.

المواطن الفقير الموجود في القرى والنواحي يريد طُرقات نظيفة، يريد عملاً يوفر له الحد الأدنى من متطلبات الحياة، لا يريد أن يقضي الصيف في بيروت والشتاء في دبي، يريد فقط أن يأكل ويشرب ويلبس. يريد تعليماً ينمي أحاسيسه ومعارفه ولا يحوله إلى طائفي ومتطرف، يريد أن يضمن أن كل ما أنفقه على أولاده من أجل التعليم سوف يجد مقابله وظيفة عندما ينهون دراستهم الجامعية، يريد مستشفى به الحد الأدنى من الإمكانات التي لا تجعله يموت من سوء الخدمة، يريد مواصلات آدمية، لا تجعله يكره نفسه، أو يقضي معظم يومه في الشوارع المكدسة بكل أنواع السيطرات .

هذا المواطن البسيط لا تشغله كثيراً معارك "إنقاذ وطن" مع "الإطار التنسيقي"، هو يريد أن يعيش تحت شعار " مواطنون لا رعايا " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram