ثائر صالح
حصل قائد الأوركسترا الفنزويلي غوستافو دودامل (41 عاماً) على جائزة غرامي في دورتها الرابعة والستين عن أفضل أداء كورالي في تسجيله لسيمفونية غوستاف مالر الثامنة مع فرقة لوس انجلس الفيلهارمونية التي صاحبتها الفرق الغنائية التالية:
كورس أطفال لوس انجلس، المورس الوطني للأطفال، ماستر كورال لوس انجلس وكورال الباسيفيك.
صعد نجم غوستافو دودامل مبكراً، بالارتباط مع فرقة سيمون بوليفار السيمفونية وهي فرقة للموسيقيين الشباب الذين تلقوا تأهيلهم ضمن ما عرف عالميا باسم إل سيستيما، وهي حركة اجتماعية شعبية واسعة لتعليم الشباب الفقراء الموسيقى أسسها خوسيه انتونيو آبرو (1939 – 2018) (انظر المدى عدد 6 نيسان 2013). برز دودامل ليصبح قائد الفرقة بعمر 18 سنة، وهو الآن المدير الفني لفرق سيمون بوليفار، ولوس أنجلس الفيلهارمونية، وكذلك أوبرا باريس. عرف عالمياً بعد فوزه في مسابقة غوستاف مالر سنة 2004 (مع فرقة بامبرغ السيمفونية). قاد فرقة غوتنبرغ السويدية بين 2007 – 2012 ووقع عقداً مع لوس أنجلس الفيلهارمونية في 2009 وهو مديرها الفني حتى اليوم.
تعرف سيمفونية مالر الثامنة باسم سيمفونية الألف، أو الألفية، تعبيراً عن العدد الكبير للعازفين والمغنين الذين يؤدونها. وهذا يفسر وجود أربع فرق كورس كما رأينا. لكن هذه المرة كان عدد الفنانين المشتركين هو 346 فناناً فحسب.
ألف الموسيقار وقائد الأوركسترا البارع النمساوي غوستاف مالر (1860-1911) هذه السيمفونية صيف 1906، قسمها على غير العادة في السيمفونيات إلى جزأين: استند في الأول على نشيد ديني معروف من القرن التاسع، وفي الثاني على المشاهد الأخيرة من عمل غوته الشهير فاوست. جمع فيها عدة أشكال موسيقية مثل النشيد الديني الموتيت والكانتاتا بالإضافة إلى الدراما (خاتمة فاوست) وسخّرها في خدمة الشكل السيمفوني.
جوهرها ديني - انساني عام، هو الخلاص، المغفرة. فمثلما يتعاقد دكتور فاوست مع الشيطان، يستغل القوة التي منحها له الشيطان في عمل الخير، ولما يأتي الشيطان ليقبض روحه حسب العقد، تلتقط الملائكة روح فاوست وتطير به بعيداً. هو الخلاص عبر المحبة اذن. يعدها بعض النقاد في مصاف تاسعة بيتهوفن من جهة أفكارها الإنسانية النبيلة. الحياة والموت، خلود الروح وموقع الانسان في هذا الكون هي الأفكار الجوهرية التي تتحكم في معظم أعمال مالر.
قدم العمل للمرة الأولى في ميونخ سنة 1910، وكان مساعدا مالر الألمانيان برونو فالتر واوتّو كلمبرر، وهما من كبار قادة الأوركسترا، مثلما كان مالر أحد أهم قادة الأوركسترا في التاريخ. وأعلن عن العمل تحت مسمى السيمفونية الألفية رغم عدم اتفاق مالر مع هذه التسمية التي التصقت بالعمل إلى اليوم. كان بين حضور العرض الأول الألماني ريشارد شتراوس والفرنسي كاميّ سينسانص والنمساوي أنتون فيبر من الموسيقيين.
وسجل دوداميل تسجيل السيمفونية مع فرقة لوس أنجلس الفيلهارمونية عند شركة دويتشه غرامافون، وسبق له تقديمها في مهرجان زالتسبورغ سنة 2013 مع فرقته سيمون بوليفار. وهذه هي جائزة غرامي الثالثة على التوالي له، فقد فاز في 2020 عن تسجيل لعمل أندرو نورمان، وفي 2021 عن تسجيله كل سيمفونيات المؤلف الأمريكي تشارلز إيفز.