طالب عبد العزيز
أن تكون مثقفاً لا يعني أن تكتب الشعر والقصة والرواية وتقرأ المزيد من الكتب، وتفاخر بسعة مكتبتك، وتبحرك في اللغة والفلسفة والعلوم إنما يعني أن تكون وسط نار ما يعاني منه أهلك وقومك، وأن لا تحابي هذا وذاك من المسؤولين، ويعني أيضاً أن تواجه ذلك بما تؤتى من القول والعمل بذات منسجمة مع كل ما يحدث.
أسوق هذه مقدمة ذلك لأنَّ أخبار أهلنا في جنوب البصرة تتحدث عن معاودة المد الملحيّ وتجاوزه حدود قرية سيحان، قاطعا مسافة أكثر من 100 كلم باتجاه أبي الخصيب، صاعدا شط العرب، الذي تقل مناسيب مياهه بسبب الازمة المائية العامة، التي تشهدها البلاد، ومع جملة التطمينات التي يسمعونها من الحكومة عبر الاطلاقات المائية، إلا أنَّ العاملين في محطات الاسالة في منطقة القصور (عويسيان) والبراضعية وغيرها، والتي ما زالت تعتمد على ماء شط العرب في عملها سيعانون من ذلك، إذا لم تبادر الحكومة المحلية بإيصال ماء نهر البدعة لها.
ومع أنَّ سكان مركز المدينة (العشار وما يجاورها) يأملون وصول ماء البدعة الى محطة البراضعية، التي تغذي بيوتهم في بحر الشهر أو الشهرين، إلا أنَّ سكان قرى أخرى مثل كوت ثويني والباهدرية وفجة العرب وعبد الليان ومحولة الزهير وابي الجوزي وكوت الضاحي وكوت الشافي وعويسيان وفريج الصخر وغيرها، ستظل محرومة من كل المشاريع المائية التي عملت في المدينة، بسبب وقوعها بين المحطتين(المحيلة في الجنوب والبراضعية في الشمال) فلا هم لهذه ولا لتلك، وهم بكثافة سكانية كبيرة، اثر تحويل البساتين الزراعية الى مساكن.
ويقر سكان المدينة بالجهود الحقيقية التي تبذلها حكومة البصرة في مشاريع خدمية كثيرة، والتي باتت مشهداً يشار له في عديد من ضواحي المدينة، والتي ليس آخرها توسعة وتبليط وإضاءة شارع ابي الخصيب – البصرة إلا أنَّ قضية الماء تظل هي الاهم عندهم في استخدامات البيوت وما تبقى من بساتينهم. لكنّ سكان القرى التي اشرنا لها لا يجدون سبباً بعدم ربط بيوتهم بماء مشروع المحيلة والذي لا تبعد عن قراهم بأكثر من 10 كلم، المشروع الذي قال المحافظ في كلمة افتتاحه بانَّ الطاقة الإنتاجية له تصل إلى أكثر من 3 آلاف م3 في الساعة، وأنه الاحدث في العراق، ويهدف إلى حصول جميع أهالي القضاء على مياه صالحة للشرب.
وقد جاء في كلمة معاون مدير الماء وبقية المهندسين العاملين على أنَّ المشروع هذا يغطي حاجة سكان القضاء بالكامل، من قرية عويسيان الى قرية ابي فلوس عند نقطة مصنع الاسمدة، إلا أنَّ سكان القرى هذه ظلوا يعتمدون على ضخ محطات التحلية النهرية من شط العرب أو أفرعه، وهي مياه غير صالحة بالتمام لذا يقترحون أن تعمد إدارة المشروع لاعتماد مبدأ المراشنة، وهو ايصال ماء المشروع مرة أو مرتين في الاسبوع لبيوتهم كحل وقتي لنزع معاناتهم.