عبد المنعم الأعسم
سنضحك، نضحك، ونمضي بالضحك حتى البكاء، وذلك حين يفاجئنا اصحاب "الانسداد" ان الحل، والعبور، والجلوس معا، وتشكيل الحكومة، الكاملة الشاملة التوافقية الحكيمة صاحبة المفاتيح والبشائر والرخاء، قريبٌ جدا.
ولم نعرف، لا منهم ولا من غيرهم، خلفيات واسرار هذه التطمينات، التي تحولت من المتحدثين باسمهم على بعض واجهات الشاشات الملونة الى نشيد ملول، او الى التعويذة اليائسة "إشتدي ازمة تنفرجي" وقد قالها بصراحة وبالحرف الواحد منذ يومين نائب سابق، قيادي في دولة القانون، وهي معارة من لازمة قصيدةٍ انشدها الشاعر العباسي مليك الحموي يوم جاءه الفرج، واعيد له ما صودر منه.. بقوله:
لمّا ضاقتْ ووهتْ حُجبي... فظننتُ بأني غير نَجي
ناديتُ وصُبحي لمْ يعـجْ... إشتدي أزمةً تنفرجي
وطوال ثلاثة اشهر، ومنذ ما بعد اعلان نتائج الانتخابات كان "النشيد الرسمي" لمسؤولي واعلاميي تحالف المحاصصة، الحالم باعادة سلطة القرار الى بيت الطاعة، هو ان الاتفاق قادمٌ لإعادة المياه الى مجاريها وانه لا ينبغي أخذ الخلافات في "البيت" مأخذ الجد، فهي، حسبهم، تمايزات حضارية ومن بعض آيات الديمقراطية وشفافيات الحوار واجتهاد القراءة للمستقبل، وان تضخيم الانسداد والاستعصاء والحديث عن خطر الاقتتال الداخلي، والغليان الملاييني المشرف على الانفجار هي بعضٌ من احلام الأعداء، وقد كشفنا (والحديث لأصحاب الانسداد ايضا) مؤامرة امريكية إماراتية سعودية غربية بلاسخارتية، ومتورط بها اثنان من الاطراف المحلية هدفها نزع حق "المكون الاكبر" في ادارة الحكم واستئصال استحقاقه في اختيار و"ضبط" رئيس الوزراء، ومنها (والعبارة التالية لم يُفصح عنها علنا في هذا النشيد) ان لا يفتح رئيس الوزراء القادم ملفات نائمة ومغلقة ضد ساسة ومسؤولين سابقين تلاحقهم ظنة الفساد والتهريب واعمال القتل والاختطاف، و.. ان لا يقترب من سلاح الدولة الموازية.
والحق ان نشيد اصحاب التوافقية المحاصصية، عن قرب الاتفاق الشامل و"عودة الشيخ الى صباه" وانفراج الامور وانتصار الحكمة والعقل والمصلحة العليا ابتعد شوطا بعيدا عن الحقائق على الارض، وإملاءاتها اليومية، فيما انقطع "البث المباشر" مع جمهور اصحاب هذه القوانة، وفقد الجاذبية والاغواء والمصداقية وحتى الحماس الشكلي المُصمم، وبدا انهم ربما يحلمون وسط ضيق المعابر الى الحل المنشود، واستحالة العبور باتجاه اعادة عقارب الساعة الى الوراء، وبقي حال اصحابه مثل حال فريد الاطرش في فيلمه القديم "أحبك انت" حيث كان يغني "الحياه حلوة" وهو يبكي.
إستدراك:
"اذا شعرت انك قليل الادب فانت مؤدب، لأن قليلي الادب لا يشعرون".
مارك توين