علي حسين
كان الشاعر الزهاوي على جانب كبير من الظرف، يقابله جانب آخر عنيد ومثابر من أجل إشاعة المعرفة والتنوير، ويذكر المؤرخ خيري العمري أن الملك فيصل الأول طلب من الزهاوي أن يكون على رأس الوفد الذي يستقبل شاعر الهند الكبير طاغور، ولا تزال صورة الزهاوي وهو يجلس على أحد كراسي محطة قطار بغداد في انتظار زائر العراق تعد من النوادر.
ومن الطرائف التي تروى عن زيارة طاغور لبغداد أن الزهاوي ألقى قصيدة في ترحيبه، تحدث فيها عن الكهرباء . وقد التفت طاغور ليقول للحاضرين بأنه يكن كل الاحترام لعلوم الغرب، لأنها إرث حقيقي صادق وسعي روحي عميق، وأنهم في الهند يسعون إلى الأخذ بهذه العلوم لأنها طريق المستقبل.
الذين كانوا يسخرون من الهند، يجدون أمامهم اليوم بلد المليار إنسان وهي تتقدم في علوم الفضاء والطب والتكونلوجيا، وأن مدير أكبر موقع للتواصل الاجتماعي " تويتر " الهندي باراغ أغراوال، فليسمحوا لنا أن نذكرهم بأحوالنا وكيف اننا لا نزال في ذيل قوائم الرفاهية والتنمية والتعليم واضف لها السياسة ، في لغة "كوميدية" شنت النائبة عالية نصيف حملة ضد هناء أدور لأنها ألقت كلمة في الأمم المتحدة طالبت بإنقاذ العراق من الخراب الذي يحيط به، ولأن السيدة عالية نصيف تعتقد أن الأمم المتحدة تتآمر على العراق وأنها تريد إعادة النظام البعثي، ، وتنسى النائبة " الهمامة أنّ رحلة سريعة على متن "غوغل" من شأنها أن تأتي بالحقائق عارية مهما حاولت تغطيتها بتلال من المساحيق والحركات البهلوانية.
ولأننا نعيش عصر عالية نصيف ، فمن غير المسموح لمواطنة مسيحية عراقية أن تصرخ في وجوه الذين سرقوا مستقبل هذه البلاد وحاضرها. وخطاب عاليوة نصيف لا يختلف عن الذين خرجوا علينا ليثيروا فاصلاً ساذجاً من الكوميديا الرخيصة وهم يسخرون من مظفر النواب ويصرون على أنه من بلاد الهند، فلماذا يشيّع في العراق؟. وفي الوقت الذي تلغي فيه الأنظمة الحديثة الحدود الجغرافية، وتضع فرنسا مواطنة من أصل لبناني وزيرة لثقافتها وتجلسها على كرسي أندريه مالرو وجاك لانغ، في بلاد تتباهي براسين وفكتور هيغو ومولير وسارتر وسيمون دي بوفوار، لم نسمع أن مواطناً فرنسياً سخر من اللبنانية ريما عبد الملك القادمة من إحدى بلدات لبنان، يصبح البحث عن الأصول اختراعاً عراقياً بامتياز، حرم مئات الآلاف من العراقيين من حقوق المواطنة وهجروا وبيعت ممتلكاتهم، لأن القيادة المؤمنة كانت تشك في أصولهم.
مجلس النواب لا يختلف عن الذين شتموا مظفر النواب ، فالعديد من اعضاءه ينظرون الى أمثال السيدة هناء ادور بمنتهى الاستخفاف والتعالي ،لأنها رفضت ان تشارك في مهرجان الشعوذة السياسية . مثلما رفض النواب أن يبيع صوته الذي تحول الى صرخة في وجه الانتهازية والظلم .