محمد حمدي
انتهت رسمياً أغلب مباريات الدوري الكروي في العالم للموسم الحالي 2021 – 2022، بقمّة المتعة والإثارة والجماهيرية لبعضها كما هو مع الدوري الإنكليزي والإيطالي أو بصورة كلاسيكية رتيبة لا جديد فيها كما هو الحال مع البلدان الأقل درجة في الشهرة من القارة الأوروبية.
ومع ذلك، ومن اليوم الثاني لاختتام البطولات، بدأ التقييم الفعلي والنظري لنتائج النجاح والفشل بكل دقّة، ونرى اليوم مثل هذه الورش للتقييم في قطر والبرتغال ومصر وتايلاند والصين مستمدّة طريق الفائدة من بلدان الشهرة، وهنا يجب أن يحضر السؤال الأكثر أهمية حول مصير ومستقبل الدوري العراقي الذي ننشدُ أن يكون بطولة احترافية.
وللغوص أكثر في ما يمكن أن نحتاجه وتمسّ الحاجة الفعليّة اليه أجد نفسي منسجماً مع ما تحدّث به مجموعة الخبراء الرياضيين الكرويين حول أهمية الملاعب الكبيرة وتجهيزاتها في نجاح دوري المحترفين الذي ننشدُ انطلاقه مستقبلاً، ومع وجود ثلاثة عشر ملعباً كبيراً في العراق اليوم بين جيدة ومتوسطة أتوقّع أن يصل العدد الى عشرين قريباً بالتتابع مع قُرب إنجاز ملعبي الميناء في البصرة 30 الف متفرّج وملعب كركوك 25 الف متفرّج وثمانية ملاعب أخرى يجري بها العمل حالياً، ولكن تتّسم جميع هذه الملاعب بصبغة حكومية واشراف وإدارة وعائدية وهو أحد الأمور المعقدة جداً في استثمارها من قبل الأندية التي لا تملك ملاعب مناسبة ولا تقوى على أعمال الصيانة والتأهيل وصولاً الى الإدارة وهذا أهم أجزاء الاحتراف في المنظومة.
وإذا ما عدنا الى محور الحديث الذي يتعلّق بالاحتراف والتسرّع ربما في اطلاق دوري المحترفين الكروي، فلا بأس في التذكير بأساسيّات العمل الاحترافي الذي يوازي العنوان المرفوع، لأن الاحتراف في جانب كبير منه يعني المال والإدارة المالية الكبيرة ورابطة الأندية المحترفة الموازية لعمل الاتحاد التي تعمل بقانون وقواعد مهمّة جداً لا يمكن الرجوع معها الى دوري الهواة الذي مضى في دول العالم من حولنا الى غير رجعة، كما لا يعني الاحتراف استجلاب لاعبين أجانب بمجرّد صفقات غير مدروسة أو مناسبة وغالباً ما تصل بالأندية العراقية الى المحاكم الدولية لإنهاء الديون المترتبة الأمر الذي يأكل كثيراً من جرف العمل الاحترافي، وعليه يجب أن تؤخذ الأمور بدقة متناهية بالاستعانة التامّة في مقياس النجاح والعمل الصحيح الذي نراه في دول العالم من حولنا وهي خطوة متوافرة جداً وممكنة لنكون جاهزين بأقل الخسائر.
الحقيقة إن الاحتراف قد تحوّل فيه كل شيء إلى مادة، ففي السابق كانت الأندية في عهد الهواة متقاربة ومتساوية، ومن يمتلك إدارة جيّدة يُحقق البطولات، ولكن الآن الوضع تغيّر وأصبحت القوة الشرائية للأندية هي المُحرّك الأوّل في حصد البطولات، أو الحديث عن المنافسة، من خلال التعاقد مع أفضل اللاعبين، وتوفير معسكرات تدريبية على الطراز العالمي لتحضير الفريق، وبناء الملاعب والمنشآت على أفضل السُبل من قبل مستثمرين يجيدون هذه الصنعة قولاً وفعلاً، وليس مجرّد إعلانات تحسب بأنها كارثية كنتيجة طبيعية لعدم استيعاب العمل الاحترافي.
إن التقدّم الذي حصل خلال الموسم الحالي، هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وإن كانت بسيطة ولا ترقى الى الطموح، وتعكس الحاجة الماسّة الى التطوّر التدريجي لتكون أنديتنا ودوري الكرة موازياً لما هو موجود في دول الخليج على أقل تقدير، ولا يمكن بأي حال من الاحوال القفز على الحقائق والقول إننا وصلنا الى عتبة الاحتراف، فالوقت مازال مبكّراً والأخطاء في الإدارة والتنظيم والبنى التحتية مازالت بسيطة جداً.