TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: نحن أو الفوضى !!

العمود الثامن: نحن أو الفوضى !!

نشر في: 24 مايو, 2022: 11:49 م

 علي حسين

في 22 آذار 1945 اقترع البريطانيون على خسارة تشرشل الذي قاد بلادهم إلى النصر في الحرب العالمية الثانية.. لم يفعل صاحب شارة النصر الشهيرة، شيئاً سوى أن قال لسكرتيرته: "ماذا نفعل ياعزيزتي..

إنها الديمقراطية التي ستجعلني أنصرف إلى هوايتي المفضلة.. الرسم والكتابة". وبعد سنوات يقترع الفرنسيون ضد التعديل الدستوري الذي اقترحه الجنرال ديغول.. ولم يفعل الجنرال الذي حرر فرنسا من الألمان سوى أن وجه رسالة قصيرة للشعب جاء فيها: "اعتباراً من اليوم أتوقف عن ممارسة عملي رئيساً للجمهورية الفرنسية".

يوهم البعض نفسه بأن العناية الإلهية اختارته ويصر على أن: "الله وحده يعلم من سيكون خليفته"، فالعديد من مسؤولينا الأشاوس، يعتقدون أن العناية الإلهية هي التي اختراتهم ، وهي وحدها من تملك الحق بإبعادهم عن الكرسي، ولهذا فلا علاقة للناس باختياره ، ولا اهمية لصناديق الاقتراع .

في مقابل صورة المسؤول الملتصق بكرسيه، نشاهد يومياً صوراً لمسؤولين يعتبرون أنفسهم جزءاً من التغيير والتطور الذي يشهده العالم.. لم نسمع أحداً منهم يعتقد أنه وريث السماء وعلى الناس الهتاف بحياته.

‎ في عراق اليوم يصرّ العديد من مسؤولينا على المضي قدماً في إعادة إنتاج نظام دكتاتوري جديد، ولهذا نراهم يرفضون مبدأ التداول السلمي للسلطة محذرين من أن تتحول الخلافات على المناصب إلى نزاعات مسلحة.. أو أن غياب فلان او علان عن السلطة، سيدفع بالبلاد إلى فوضى .

لا أريد من هذا المقال، مقارنة ساستنا بديغول أو تشرشل.. فأكيد لا أحد منهم لديه هواية الرسم والكتابة.. وأيضا لا أحد منهم يؤمن بالتداول السلمي للسلطة.. فنحن لا نملك برلماناً يذهب إليه المسؤول ليقدم كشف حساب بما قدمه للناس.. وما من قضاء يحاسب المخطئ.. لا شيء سوى دولة رئيس مجلس الوزراء، ومعالي مقربيه الذين أضاعوا عشرة أعوام من أعمارنا.

من سوء الحظ أنه بعد سنوات ما يزال الكثير من سياسيينا يمارسون الخديعة والكذب، ومن سوء الحظ أيضا أن مسؤولين كباراً يتغنون بالديمقراطية كل صباح لكنهم لا يمانعون من الانقضاض عليها حين تتعارض مع مصالحهم الخاصة... لا ديمقراطية إلا لنفس الاسماء والباقي خونة ومتآمرون وينفذون أجندات خارجية.

ما الذي علينا أن نتعلمه من تجارب الشعوب؟ إن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالعدالة الحقة لا مكان لها في ظل رجال يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان، بأنه لا خيار أمام الناس سواهم..لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، مستبدون يخيفون الناس، لكنهم عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم على الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram