TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: أين نقف؟

جملة مفيدة: أين نقف؟

نشر في: 5 يونيو, 2022: 12:22 ص

 عبد المنعم الأعسم

اتحدث كبلد امتحنته الحياة، بحروبها وصراعاتها الفئوية وتخبط وانانية وفساد الذين ائتمنوا على مصيرها، وبالاهوال التي هبت عليها من الجيران والغزاة جيوشاً ومن اصحاب اللحى والدشاديش القصيرة.. نعم امتحنته الحياة ويكاد يخسرها.. اقول (يكاد).

ومن دون لف ودوران، نقف الآن عند نقطة تحوّل، أو (بالدقّة التاريخية) على مفترق طرق، هي الاخطر في تاريخنا، لأن الامر (هذه المرة) يتعلق بمصيرالبلد ومكانه على الخارطة، بكل ما يعنيه هذا التوصيف من بلاغة القول، او من اشارة للمستقبل، او من دلالة المعطيات على مسار الحوار السياسي او في ما تتوعد به الجيوش غير النظامية، إذْ كشفت الحوارات عن خلل بنيوي خطير شكله الانقلاب على نتائج الانتخابات حين لم يعترف الخاسرون بالهزيمة ووجهوا طلقة الرحمة على فرصة التغيير، ومضمونه، مشروع جهنمي للاستعداد نحو «التمكين» وفرض سطوة الدولة العميقة، فيما يستمر طيبو وحسنو الظن بالمراهنة، وسط كل هذه التهديدات، على ان الذين حكموا البلاد واذلوها ونهبوها وساقوها الى مفترق الطرق سيرعوون في نهاية الامر.

مفترق الطرق احوج ما يكون الى بوصلات من جنس البوصلات المُستخدَمة في البحار او الى أجهزة الاستشعار في الأقراص الصلبة لمعرفة ماذا سيحل بالبلاد في (وبعد) هذه المرحلة حيث يتفرع «المفترق» الى شكل بلد افتراضي تسبقه احتقانات ورائحة بارود في بيت الاكثرية (الكتلة الاكبر) وفي بيوت اخرى، وحتى في داخل كل فصيل وحزب وتجمع وعشيرة وحاضرة، والى ذلك تتأزم خطوط الاتصال والصفقات والتعهدات العلنية والسرية، ويصبح السؤال عن التنمية والاستثمارات ومشاريع الحماية الغذائية وازمة الكهرباء والسيادة والخدمات البلدية ومشاكل العاطلين والارامل والاوبئة والارتفاع الجنوني للاسعارمجرد شعارات باهتة، او رطانات لا قيمة لها، والاخطر من كل ذلك يكمن في محاولات (اقول محاولات) جر اتباع الديانات والمذاهب والقوميات الى صراع الكراهيات واللاتعايش واغتيال مبدأ التعددية ودولة المواطنة، وبكلمة، ان ثمة سيناريوهات (أو احتمالات) مخيفة، لحرب يخوضها الكل ضد الكل، إذا لم يُغلق الطريق عليهم.

السؤال الاستباقي هو: من الذي اوصل العراق الى هذا الحال؟ وهذا السؤال (في التحليل الموضوعي) مهم وإشكالي، لا ينطوي على محاسبات ومراجعة جدية، فقط، بل وعلى اعادة بناء الدولة على اسس جديدة ليست كيفية في وقت لا ينبري، ولو واحدٌ من المتورطين للاعتراف بخطاياه، وهو اضعف الايمان.. او قل بعد خراب البصرة.

عندما وقف موسوليني في شرفته ورأى روما في مفترق طرق الحرب، وعلى شفير الهزيمة، التفت الى الكاردينال شوستر يسترشد به الى الخطوة القادمة، قال له الرجل الحكيم: «حان الوقت للاعتراف بخطاياك» ومما له مغزى ان طلب الاعتراف هذا جاء متأخرا، فقد كانت روما تحترق وتعبر مفترق الطرق الى الهاوية.

استدراك:

«لا تكتفى الحروب بالكشف عن أسوأ الغرائز عند الانسان، بل تصنعها».

أمين معلوف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram