ماذا يرى الكتاب في نشر نصوصهم بمواقع التواصل الاجتماعي
علاء المفرجي
إن أدوات مثل توينر وفيسبوك «تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع،
وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء». هكذا قال امبرتو ايكو في معرض انتقادات قاسية وجهها إلى شبكات التواصل الاجتماعي. في مقابلة مع صحيفة إيطالية..
ماذا يرى كتابنا في نشر النصوص الابداعية في مواقع التواصل الاجتماعي، هل سببها قلة منابر النشر للادباء أم (سهولة ) الكتابة .. وهل سنصدم يوما بمثقف فيسبوكي... لكننا نلاحظ ايضا بأدباء معروفين ينشرون نصوصهم في هذه المواقع.. .
وكانت اجاباتهم لـ (المدى) كالتالي:
جمال العتابي: إستسهال الكتابة والنشر لدى البعض
لم يعد نشر النصوص الإبداعية يشكل هاجساً أو عقبة كما في السابق، أمام الكتاب والأدباء، فبإمكان هؤلاء إختيار السبيل الأسهل والأسرع في نشر نتاجاتهم عبر هذه المواقع، ويجد البعض منهم، ان الوسيلة هذه حالة صحية للنشر بين فئات واسعة ومتباينة أو متناقضة، في مستويات التفكير والفهم والإستجابة.
لا شك أن دور النشر والصحافة الورقية المطبوعة شهدت تراجعاً خطيراً يهدد إستمرارها في العمل، وفق الآليات القديمة، أمام التقدم التقني الهائل في وسائل الإتصال،
بإعتقادي ان المآخذ السلبية التي تسجل على هذه الوسائل، تكمن في إستسهال الكتابة والنشر اليومي لدى البعض، بمعنى الإبتعاد عن مختبر التجربة، والعمل على تطويرها، كما ان مساحة النشر المفتوحة بدون مراقب لغوي، أو محرر يمتلك قدرة التمييز بين الجاد والرخيص، أعطت الفرصة، للبعض ان يتجرأ لتقديم نفسه كاتباَ وشاعراً ومثقفاً ومفكراَ (كبيراً)، مع جمهور واسع يسوّق لهذه الأكاذيب.
منذر عبدالحر: الظاهرة سلبية أساءت للأدب والثقافة
هذه الظاهرة السلبية في نسبتها الأعلى سببها الأول سرعة نشر النصوص وغياب الضوابط وتلقي ردود الفعل المباشرة من قبل المعنيين وغير المعنيين، وهي قضية خطيرة على مستوى الأدب بعمومه، كما انها اوجدت ثقافة فيسبوكية سطحية، بحيث أطلقت على تجارب بسيطة لدى أصحابها مشاكل فاضحة في اللغة والنحو وكذلك في ارتباك الأوزان الشعرية _ في حالة كان النص الشعري يسعى لأن يكون موزونا_ اقول أطلقت هذه الثقافة السطحية على مثل هؤلاء القاباً فضفاضة بعيدة عن حقيقتها.
انا شخصيا ارى ان هذه الظاهرة سلبية اساءت للأدب والثقافة وولدت اسماء موهومة بعيدا عن السياقات الصحيحة والضوابط اللازمة ونشرت ادبا ساذجا، مع تقديري واعتزازي بالاسماء المحترمة التي تنشر نصوصها على المواقع المختلفة، اما الشكوى من قلة المنابر او الفرص فهي شكوى غير واقعية،. فالمنابر متوفرة بشكل ممتاز وهي متاحة لكل من يستطيع ارتقاءها شرط أن يكون جاهزا لهذا الارتقاء بأدوات سليمة، مع كل محبتي
كاظم جماسي: وصول المنجزه الابداعي صار أسرع وأسهل
الزخم المتسارع في الاستبدال المستمر لكل ماهو واقعي، المطبوع الورقي وغيره، بالبديل الافتراضي، المواقع الإلكترونية بشتى اصنافها ومسمياتها، زخم قدرما فيه من فوائد فيه أيضا مضار كثيرة .. انا مثلا بوصفي مدمنا على القراءة لم تعد شهيتي لاقتناء المطبوع الورقي» جريدة، مجلة، كتاب» جامحة مثلما كانت، وهنت كثيرا عما كانت عليه، صرت اعثر على ضالتي، من دون عناء، وبكبسة زر في المواقع الالكترونية، الجريدة والمجلة والكتاب، مثلما استعضت عن اقتناء القرص المدمج في السماع أو في المشاهدة، بل إن الأمر تعدى ذلك إذ صار بمقدوري أن البس وآكل واتجمل و اتطبب واؤثث وابني وارمم واتكلم و .. و .. وحتى ادلك ظهري بالاستعانة بالنت فقط ..
يوما قال هابرماس» كلما مضت الحضارة قدما غدت أكثر انوثة» في إشارة إلى تراجع الفعاليات الإنسانية ذات الجهد العظلي .
وبالنسبة لي، يشكل الفيس بوك مثلا، نافذة عظيمة الفائدة، للإعلان عن نفسي أمام اقراني البشر، اتصالا وتفاعلا، سوى أن مااكتبه من سرود، عليه أن يظهر اولا، كالتزام مهني، في جريدة أو مجلة أو موقع متخصص، ومن ثم يباح على صفحتي الفيس بوكية ..
بتقديري لم يتغير الأمر كثيرا، بالنسبة للكاتب أو الفنان، سوى أن وصول منجزه إلى متلقيه صار أسرع وأسهل بل واجدى
شوقي كريم: مساحة معتبرة لتصدير الافكار الجمالية
الفيس بوك اصبح مساحة معتبرة لتصدير الافكار الجمالية ليس في العراق فقط بل في جميع انحاء العالم ولكن المشكلة في العراق تبدو معقدة وغير منظمة ومشوبة ببعض الفوضى التي يستحيل الامساك بها وتحسين الاداء ..المتابعة لهذه المتاجات محصور بعلاقات صاحب الصفحة بمحيط صفحته لاغير لهذا تجد الكثير من المجاملات وغياب المقاصد المعرفية مع ظهوركدر لقيم باهتة وضعيفة اصبحت معلما خطرا واندفاع البعض في نشر نتاجهم وخاصة الشعري منه انما هومحاولة لايحاد مساحات تعبيرية بعد كساد الصحف الورقية التي اسهمت بظهور اجيالاً من الشعراء وتذبذب توزيع الكتاب والاهم غياب ايمان المتلقي بالشاعر والشعر لم نجد اليوم من يذهب الى المكتبة ليشتري ديوانا شعريا وهو يشاهد كل يوم الفوضىالغريبة،في عالم المسرودات الامر يختلف وخاصة الرواية اذ لانجد ثمة من تجرأ ونشر رواية على وسائل التواصل الاجتماعي والقليل من القصص القصيرة وهو الذي ينشر وهذه اوقعت كتابها في دائرة الوهم وجعلته يعتقد انه اصبح مهما وواجب قراءته والانتباه له ما نحتاجه تنظيم هذه الفوضى ولكن كيف ومن يمتلك الحق بالتنظيم؟ ذلك سؤال صعب الاجابة ولكنه ممكن الحدوث!!
ماجد الحيدر: أشعر بحرية أكبر من خلال النشر
شخصياً ألجأ الى كلا النوعين من النشر: الورقي عبر الصحافة اليومية والدورية، والنشر الالكتروني عبر المواقع الأدبية الرصينة ووسائل التواصل الاجتماعي ولا سيما الفيسبوك.
أزعم أن الأديب يشعر بحرية أكبر من خلال النشر على الانترنت فهو يمكنه من تجاوز الكثير من التابوات وآليات الرقابة البالية التي تفرضها بعض الحكومات والمجتمعات من جهة، والتوجهات السياسية والإيديولوجية والدينية للمؤسسة التي تصدر المطبوع (لي عدة تجارب مؤسفة اضطر فيها محررون ثقافيون محترمون الى الاعتذار عن نشر المادة أو تغيير عنوانها أو التدخل في متنها أو حذف جزء منها استجابة للمعايير السياسية والايديولوجية المذكورة)
يتمتع النشر في الانترنت بميزة مهمة هي سعة الانتشار (ثمة مواقع يصل روادها الى الملايين في الوقت الذي لا يمكن للمنشور الورقي أن يتجاوز بضعة آلاف على أحسن تقدير) فضلا عن قدرة المواقع الإلكترونية على تجاوز الحدود الجغرافية وسهولة حفظها وأرشفتها والرجوع اليها واقبال القراء عليها لكلفتها الزهيدة وسهولة التفاعل معها وانتقادها والتواصل مع كاتبها. لكن هذا لا يمنع وجود جانب سيء بل وكارثي في النشر الالكتروني وهو غياب المعايير الفنية واللغوية للكثير مما ينشر، وهو جانب لا تخلو منه العديد من منابر النشر الورقي لأسباب معروفة. ويبقى المعيار الأساسي في النص الإبداعي (بغض النظر عن طريقة نشره) هو قدرته على البقاء وإضافة الجديد والمدهش والجميل!
حسين رشيد: اعتقد أنها ازمة عامة تطوق رقبة الثقافة
ذهاب الكتاب والادباء الى النشر في مواقع التواصل الاجتماعي سبقه النشر الالكتروني بسبب سرعة النشر وعدم الخضوع للمحرر الثقافي، الذي حتما يعمل وفق سياقات وضعتها الصحيفة فضلا عن ثقافته واطلاعه وخبرته في فرز النصوص والمقالات النقدية الملائمة والصالحة للنشر، وقد يكون انحسار الصحف وتقليص عدد الصفحات الثقافية وغياب المجلات المختصة بالادب والفن من دفع عدد من الادباء المعروفين نشر نتاجاتهم على صفحاتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي.
الكتابة رغم رداءتها فهي تجد دوما قارئها وجمهورها وهذا ما نعيشه اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي وبسبب المجانية وانفلات الاطراء والمديح تحول عدد من كتاب الفيسبوك الى ادباء وقدمت لهم دعوات حضور مهرجانات وجلسات ادبية واقيمت لهم حفلات تواقيع لما اصدروه تحت مسمى «كتاب»، سرعان ما تناوله بعض «النقاد» بالدراسة والتحليل والمديح.
يعج الحاضر الان بالعديد ممن يطلق عليهم «مثقفين» الكثير منهم من مدوني وناشطي السوشال ميديا والغريب ان هولاء باتوا اكثر تاثيرا من المثقفين الحقيقين ممن يحملون هموم الوطن والناس.
اعتقد هي ازمة عامة تطوق رقبة الثقافة والكتابة والفن، وحولتهما الى ساحة مفتوحة لكل من هب ودب دون وجود اي موانع او حواجز ما تسبب بشيوع الاستسهال بالكتابة والطباعة والنشر، ومع وجود دور نشر ربحية طارئة تكذب على القارئ والمتابع وتشيع ان الكتاب الفلاني والرواية الفلانية تتصدر مبيعات الدار وتعلن ان عدد الطبعات تجاوز اصابع اليدين وهي كذبة، هولاء وغيرهم اشبه بفقاعات كاس الجعة سرعان ما تتلاشى.
صادق الطريحي: المواقع (الفيسبوكية) تمنح شهادات تقديرية!
بات من المسلم به اليوم أنّ (الفيسبوك) يعدّ نافذة مفتوحة لأيّ شخص يفتح صفحة فيه، مع مراعاة الالتزام بقواعد النشر وقوانينه في بلده، ولا شكّ في أنّ هذه النافذة المجانية للنشر تحمل معها الكثير من مساوئ النشر ومحاسنه، فقد لحظت، كما لحظ الآخرون مثلي أنّ الكثير من المستخدمين للموقع قد توهم، أنه صار شاعرًا، أو قاصًّا، أو ناقدًا، أو محللًا سياسيًا، أو داعيًا دينيًا!! وربما لا نستطيع الاعتراض على (أدبية) هذه النصوص التي لن تستطيع الوصول إلى الصحف الرصينة حتمًا، لكنّ المجزرة اللغوية التي يرتكبها هؤلاء الناشرون، والمعلقون لهم، تنذر باندثار اللغة العربية حقًا!! ومما زاد الأمر خطورة أنّ الكثير من المواقع (الفيسبوكية) تمنح لمن ينشر على صفحاتهم شهادات تقديرية، مليئة بالأخطاء الإملائية والتركيبية!!
وربما كان هؤلاء يقلّدون بعض الأدباء الحقيقيين حين ينشرون على صفحاتهم مباشرة نصوصًا لم تنشر بعد في صحيفة رصينة، سواء أكانت ورقية أم رقمية!! ولا شكّ في أنّ بعض النصوص تتعرض للسرقة المباشرة أو غير المباشرة!!
بالنسبة لي أفضّلُ أن أنشر أولًا في صحيفة رصينة، ثمّ أنشر رابط النّص على صفحتي، لكي يتسنى للقارئ الحقيقي قراءة النّص في موقعه الأصلي، وربّما التعليق عليه هناك بعد أن يراجع التعليق من قبل المحرر.
وأرى أيضًا أنّ على الصّحف الرّصينة الامتناع عن نشر أيّ نصّ مبدع إذا سبق نشره على صفحة الكاتب، تحقيقًا لأولوية النشر!!
علي لفتة سعيد: والفيسبوك يستخدمه المثقّف وهو الأمر الإيجابي
في كلّ تطوّر ثمة أمران.. الأول إيجابي، والآخر سلبي.. ولا يكاد يخلو أيّ تطوّر من هذين الأمرين البديهيين.. ولكن الأصح هو تطوير الإيجابي ومحاربة أو التقليل من أثر السلبي.. والفيسبوك واحد من أوجه التقدّم والتطوّر العلمي والحياتي والتقني الذي أحدث نقلةً نوعيةً في تقريب البشرية مع بعضهم. فبعد أن كان العالم عبارة عن قريةٍ صغيرةٍ في ظلّ الفضائيات والهواتف واللاسلكيات، فإنه مع الفيسبوك تحوّل الى عالمٍ بحجم الكّف الذي يساوي حجم جهاز الموبايل.. من هنا فإنه يعد ضمن إيجابيات التطوّر وسلبياته.. ولأنه حائط خاص فإن عملية النشر فيها سهّلت الكثير من التواصل مع الآخر المتواجد في أطراف الأرض، وإن كانوا بلغةٍ واحدةٍ موزّعين على القارات الخمسة.. والفيسبوك يستخدمه المثقّف وهو الأمر الإيجابي، ويستخدمه الجاهل والمنافق والمصاب بالوهم وهو الأمر السلبي.. لذا فإن الأخطر في الأمر ليس وجود مثقف فيسبوكي أو عملية النشر من قبل المثقفين والأدباء تحديدا، بل الأخطر هو قيام المثقّف الأديب بالتصفيق لما ينشر على أنها نصوص إبداعية، فيزداد الوهم لدى (طفيلي ) الفيسبوك، وتدريجيا يشعرون بالانتفاخ ويصبحون هم مثقفو الواقع، الذي سببه قلّة مساحات النشر، وضعف القائمين على الصفحات الثقافية وتأثرهم بالأسماء المنفوخة، لذا فهذه الصفحات تساهم ايضا بنشر الوهم والطفليات الأدبية .
عادل الياسري: أصبحت ظاهرة مألوفة بالنسبة للوسط الثقافي
النشر على مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف اشكالها صار ظاهرة مألوفة بالنسبة للاوساط الثقافية في كل مكان .وأنا بصفتي واحدا من الذين يمارسونه بعض الاحيان رغم حضوري الدائم في المنشورات الورقية في بلادنا على الاقل لا استغربه ولا اعيبه مطلقا .
فالكثير من الادباء والمثقفين وخاصة الناشئة والمبتدئين منهم يعانون من الغياب عن الصفحات الورقية بسبب اعتياد البحث عن الاسماء ذات الالمعية والحضور الطاغي من قبل القائمين على الصفحات الثقافية في مختلف البلدان .
اما عن الصدمة او المفاجأة التي تحدثها ولادة المثقف الفيسبوكي فلا اقر باحتمال حدوثها مطلقاى.لان مثل هذا المثقف لابد ان ان تكون له بصمته وحضوره شئنا ام ابينا وهذا الحضور يعد واحدة من الموضوعيات في زمن التشكل لما يسمى بالكتابة الرقمية .
وفي الختام اود القول او التأكيد على انني من الداعمين لتطوير هذه النافذة التي اعدها رافدا جديدا ومهما لثقافثنا في ظل انحسار المطبوعات الورقية واقتصار بعضها على الاسماء ذات الحضور في دائرة النشر .