محمد حمدي
يقيناً أن ما تحقّق من مشاركة فاعِلة لمنتخبنا الوطني بلعبة المواي تاي في بطولة العالم التي اختتمت السبت الماضي في العاصمة الإماراتية أبو ظبي بمشاركة عشرات الدول يُعد انجازاً فريداً بوصول أبطال اللعبة الى منصّات التتويج خمس مرّات، ونيلهم ميدالية فضيّة وأربع برونزيّات، كان من الممكن أن تزيد الغلّة الى أكثر من ذلك لولا تواتر الظروف الصعبة التي تحمّلتها بعثة العراق الى أبو ظبي بصورة عامة.
وللانصاف، فإن النتيجة لم تكن غريبة اطلاقاً على أبطال المنتخب الذين عوّدونا في اختبارات كثيرة سابقة على امكانياتهم العالية في نيل الألقاب على المستوى القارّي والبطولات الدولية التي يجتهد اتحاد اللعبة في زجّ منتخباتنا الوطنية فيها، الأمر الذي اسهم بصورة واسعة في رفع مكانة اللعبة في العراق وانتشارها بصورة كبيرة في عدد كبير من الأندية والمراكز التدريبية.
هذه ظاهرة صحية سليمة جداً سوف تكون لها مردوداتها الإيجابية مستقبلاً ليس على لعبة المواي تاي فقط، بل لجميع الألعاب القتالية العنيفة التي أخذت تستعيد بريقها بسرعة باسماء متعدّدة وإن تشابهت بعض الشيء على خلاف تماماً من الألعاب المعتمدة أولمبياً وأهمها الملاكمة والمصارعة التي تدحرجت الى الأسفل بصورة ملحوظة، وهي ظاهرة تستوجب الوقوف عندها ومراجعة أسباب تأخرها والتي تقف مشاكل الاتحادات الرياضية الإدارية على رأسها وتردّي أحوال الأندية أيضاً وتخلّيها عن الألعاب الفردية بذريعة خفض الانفاق.
ملف الألعاب الفردية المنجزة هو الأهم اليوم والأكثر ضماناً بحصولنا على ميدالية أولمبية طال انتظارها من اتحادات أفصحت عن هويّتها وتجدّدها وأخرى ظلّت جاثمة على حالها من دون تطوّر يذكر.
يجب أن يكون موقف المؤسّسات الراعية والداعمة، وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية مختلف تماماً في التقييم ولا يمكن أن يتساوى الجميع ويوضعوا في مستوى واحد إطلاقاً، وهو ما لم يعمل به الى الآن، كما إن جمهورنا الرياضي وإعلامنا صار يفرّق جيّداً بين البطولات الوهمية برسم غرب آسيا والعرب وبطولات دمشق ولبنان والأخرى التي يعلن عنها عالمياً وتوثّق ومن الممكن عدّ من يتحدّث عن بطولات غرب آسيا بمثابة عجز وانتحار كلمات لا أكثر ولا أقل من ذلك، الساحة الرياضية مفتوحة على مصراعيها وحقل الاستثمار والحصول على الأموال وتشغيل الاتحاد والأندية والفرق الرياضية من دون الاعتماد على المنح الحكومية بصورة تامة أمر وارد جداً ومنافذه متعدّدة وقد نجحت اتحادات بعينها في بلورة حقل الاستثمار والرعاية والاستفادة منه الى أكبر قدر ممكن.
صار لزاماً اليوم على جميع الاتحادات وتحديداً الألعاب الفردية إيجاد صيغة عمل جديدة تتقاسمها مع الأندية للعمل المُثمر الذي يُعيد الواجهة لها كما تعمل وتبدع اليوم اتحادات الألعاب القتالية المختلفة التي سحبت البساط والشهرة والأضواء من تحت أقدام الألعاب الأخرى ومن يريد أن يثبت لنا العكس فليُظهر قدرته على المنافسة وتقديم الانجازات التي نفخر بها برسم بطولات العالم والقارة وليس الأخرى الأقليمية والشكليّة التي لا تساوي قيمة وأثمان تذاكر السفر اليها.
أخيراً وللتذكير بما يخصّ مشروع المدارس التخصّصية وصناعة البطل التي تتبنّاها وزارة الشباب والرياضة منذ سنوات فهذه المدارس هي الأخرى تنوّعت بألعابها وانجازاتها فمنها من وضعت قدماً أوّل الطريق وأخرى ما زالت تراوح تحت تبعية الاتحادات ووجودها الشكلي فقط والأفضل أن تكون مدارس العاب قتالية منجزة بدلاً عن تلك بقيت على حالها وأن الأموال الكبيرة التي تدفع للمدارس ستكون ذات جدوى إذا ما وظّفت الى الألعاب القتالية في جميع المحافظات.