TOP

جريدة المدى > سينما > المتلاعبون بالعقول، من هم؟

المتلاعبون بالعقول، من هم؟

نشر في: 8 يونيو, 2022: 11:01 م

احمد ثامر جهاد

عبر تاريخ البشرية برمته لم توجد صناعة في العالم حققت ارباحا مهولة بقدر صناعة تكنولوجيا الانترنت؟ انها الصناعة التي تستثمر في البشر انفسهم. في سرقة اعمارهم بشكل مريح. للوهلة الاولى سيبدو الامر صعب التصديق، لكن هذه هي الحقيقة المستترة خلف إدماننا كبشر على وسائل عصر التقنيات؟

 

منذ نبوءة «مارشال ماكلوهان» نبي العصر الالكتروني اصبح الانترنت الصناعة الامثل التي تستثمر في عقول البشر انفسهم، لا من اجل تنميتها ورفع قدراتها الابداعية، بل لتعطيل فاعليتها الواقعية، وجعل البشر عبيد وسائل التقنية وضحايا غوايتها البراقة. كلما اوغلنا في استخدام وسائل السوشيال ميديا فان اقدامنا الصغيرة تغادر الارض تدريجيا الى ان تضيع في متاهة خوارزميات فيسبوك المعقدة. هناك حيث تنتشر الاخبار الزائفة بسرعة توازي ستة اضعاف انتشار الاخبار الصحيحة.

يقول احدهم: الاخبار الحقيقية مملة، لذا فان الشركات الكبرى ومعهم المعلنين تجني ارباحا اكبر من اشاعة الاخبار والصور والفيديوهات الكاذبة والمفبركة غير الخاضعة لاي نظام رقابي. لقد تسببت بعض تلك الاخبار بوقوع مجازر حقيقية، كما في احداث ميانمار التي بدأت كتحريض فيسبوكي لبعض المستخدمين. اليوم لا يوجد موضوع مضلل ترك البشرية اسيرة بحر متلاطم من الاخبار المتناقضة اكثر من جائحة كوفيد 19 التي افقدت الانسان توازنه وعقلانيته.

اجمالا هذه الآلات الصماء تعرف عنا كل شئ. كل شئ بالمطلق. وما تعتقده انت حرية اختيار هو في الاساس حقل الاختيارات التي صممتها انظمة السوشيال ميديا الذكية ووضعتها امام عينيك لانها تعرف على وجه الدقة ماذا تريد، ما الذي تحبه او تكرهه، ما الذي يثيرك وينال اعجابك.

المسألة ببساطة تكمن في فكرة «التحكم الاكبر» بوسائل ناعمة، مرغوبة ومتطلبة اكثر فأكثر. البشرية اليوم تشتري عبوديتها بأموال زهيدة.

لكن ما الذي حصل بالضبط عبر العقدين الماضيين بشكل جعل العالم يستطيب هذا العمى والانقياد غير الواعي؟ ما الذي حصل لملايين الناس لدرجة انهم لن يتخلوا عن اسوء عاداتهم باصطحاب هواتفهم المحمولة الى غرف النوم والحمامات، اكثر اماكن الانسان راحة وخصوصية.

يحاول هذه الوثائقي الرصين (the social dilemma 2020) للمخرج “جيف اورلوفسكي” طرح الكثير من الاسئلة الحساسة والمغيبة حول حقيقة العصر الالكتروني وهيمنته على عقول البشرية صغارا وكبارا. المتحدثون في الفيلم هم نخبة محترفة من خبراء تكنولوجيا الانترنت ومصممي البرامج وموظفين كبار في ابرز شركات السوشيال ميديا( فيسبوك، غوغل، انستغرام، توتير، وسناب شات، يوتيوب). انه سباق محموم للسيطرة على اهتماماتنا وتوجيهها والتلاعب بها. عادات البشر تغيرت بالكامل وغيبت الكثير من التقاليد الاجتماعية الايجابية.

في الديكودراما الموسومة(المعضلة الاجتماعية) انتاج نيتفلكس، يدافع صناع التكنولوجيا العالمية للاتصالات عن فكرة عملهم المحموم “اننا نبني دماغا عالميا عملاقا، كل المستخدمين هم خلايا عصيبة متناهية الصغر في هذا النظام الذي لا يعرف احد ماهية اهدافه.

الطريف في الامر هو اننا كبشر نعيش ميزات العصر الالكتروني نعي تماما قدرة التكنولوجيا على استخراج اسوء ما في المجتمع من طباع وسلوكيات: العنف والتحريض والاستقطاب والتطرف والمزيد من الالهاء والاوهام. ذلك كله يلتقي في فرضية شائعة مفادها عدم وجود فهم مشترك للواقع الذي نحياه. هذا بالضبط ما لم يكن شائعا في السابق وبات يمثل اليوم التهديد الوجودي للبشرية جمعاء.

لنتخيل لو ان جميع مستخدمي التكنولوجيا الرقمية حول العالم اغلقوا في صباح عادي مشمس حواسيبهم وعطلوا حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي؟ ما الذي سيحصل للعالم؟ ربما السؤال الاهم: ما الذي فعلته تلك الشركات العملاقة لتجنب حصول ذلك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفياض: الحديث بالخفاء ضد الحشد "خيانة"

العراق يعلن انحسار الإصابات بالحمى القلاعية

موجة باردة تجتاح أجواء العراق

بينهم عراقيون.. فرار 5 دواعش من مخيم الهول

هزة أرضية ثانية تضرب واسط

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج

دفاتر السينما في عددها الأول 2025

عرض تسعة أفلام مدعومة من مؤسسة البحر الأحمر في مهرجان برلين السينمائي

مقالات ذات صلة

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج
سينما

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج

عدنان حسين أحمد - لندن تترصّع غالبية أفلام المخرج هادي ماهود بأفكار التنوير والتحريض والاحتجاج حيث يعتمد على كشف الحقائق، وخرق المحجوب الذي يضعهُ في دائرة الخطر. ويكفي أن نشير إلى أفلامه التحريضية التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram