TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الحارس في حقل الفضبلة

العمود الثامن: الحارس في حقل الفضبلة

نشر في: 13 يونيو, 2022: 12:01 ص

 علي حسين

أسوأ نكتة أطلقت خلال الأسبوع الماضي ما قاله بيان وزارة التربية من أن حارس إحدى المدارس قام بسرقة أسئلة الامتحانات، وفي رواية وزارة التربية نعرف أن "حارس بناية تربية الرصافة الثانية تمكن من الوصول إلى مفاتيح القاصات (الخزنات) التي تُحفظ بها الأسئلة واستخراجها وبيعها وتسريبها على صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي"..

ولا أريد أن أدخل في نقاش "بيزنطي" مع اصحاب البيان ، ولن يذهب بي الحال وأتخيل أن الحارس ارتدى "طاقية الإخفاء" لسرقة مفاتيح القاصات التي تحفظ فيها الأسئلة.. طبعاً لم تصل مخيلات واضعي ألف ليلة وليلة إلى سرد حكاية خيالية مثل حكاية الحارس، وتزداد الكوميديا السوداء قتامة حين نقرأ بيان جهاز الأمن الوطني الذي يخبرنا أنه اطلع على المؤتمر الصحفي لوزير التربية حول التحقيقات بشأن تسريب الأسئلة الامتحانية، وأن التحقيق لم ينته بعد وأن المتهمين هم أعضاء في اللجان الامتحانية ومسؤول الأمن في مديرية التربية، وأين اختفى الحارس أيها السادة؟، العلم عند وزارة التربية بالتأكيد.

نترك الحارس في حقل الأسئلة، مع الاعتذار للكاتب الأمريكي سالينجر صاحب الرواية الشهيرة "الحارس في حقل الشوفان"، والتي يشكو البطل فيها من غياب الصدق رغم أنه لم يكن في يوم من الأيام طالباً في إحدى مدارس وزارة التربية العراقية ، ونعود، ربما للمرة الألف، للحديث عن الديمقراطية التي يفهمها البعض بأنها حكم الأغلبية في تدمير حياة الأقلية والسيطرة عليهم .. فمنذ سنوات وحزب الفضيلة، رغم أنه لا يتمتع بالأغلبية سواء في البرلمان أو الحياة السياسية، إلا أنه مصر على أن يفرض إرادته على الآخرين، وفي كل مرة ينبهنا الحزب بأن البلاد بحاجة إلى خدماته ولهذا تجده يخرج في تظاهرات بين الحين والآخر، مرة من أجل تطبيق لتغيير قانون الأحوال الشخصية، ومرة لرفض مناقشة قانون العنف الأسري، ومرات ضد النساء السافرات، وفي الفترة الأخيرة وجد في الفعاليات الغنائية متنفساً له ، فأخذ يهدد ويتوعد ويحذر كل من يقول "آه ياليل ياعين" بصوت عال دون أخذ موافقة الحزب ودفع الجزية له.

لعل السؤال الأهم لمن يتابع الوضع في العراق هو: هل ما جرى في تظاهرات منع الحفلات الغنائية، مقطوع الصلة بما جرى ويجري من خراب؟ .

يمكن لحزب الفضيلة أن ينظم تظاهرة ضد الحفلات الغنائية ويهدد بالحرق، ولكنه حتماً سيعجز عن إقناع المتظاهرين بفوائد البطالة، وبالمنافع التي تعود عليهم من خلال الفساد المالي المستشري، وبرائحة الخراب التي انتشرت في معظم مدن العراق. ولهذا سأعلن استعدادي لمشاركة حزب الفضيلة تظاهراته ضد المدعو سعد المجرد ، أو أي مطرب تسول له نفسه الاقتراب من بغداد، لكنني أشترط عليه أن يشترك معنا، نحن المساكين، في تظاهرة، ضد سرقة المال العام وقتل شباب الاحتجاجات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram