TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دولة السحل

العمود الثامن: دولة السحل

نشر في: 15 يونيو, 2022: 12:21 ص

 علي حسين

عندما يخرج قيادي في فصيل سياسي مثل النائب السابق حامد الموسوي ليعلن أنه سيسحل الجميع ما لم يوافقوا على تشكيل الحكومة، ويهدد باجتياح مدن عراقية ، وعندما تتنمر النائبة عالية نصيف على مواطنين عراقيين وتسخر منهم، وعندما يعلن محمود المشهداني أن المهم بالنسبة له هو "المالات" فما هي الرسالة التي تصلك عزيزي المواطن المحاصر باخبار برلمان قرقوش ؟

ربما تُفهم المسألة على أنها حماسة من جانب نائب سابق، وربما تُفهم فى إطار خطاب تحريضي، يحول المعركة السياسية إلى معركة طوائف ومكونات، لإلهاء الناس عن المطالبة بمحاسبة المفسدين، وتحويل الصراع من صراع على تشكيل حكومة تخدم العراقيين ، الى صراع على من يفوز بالحصة الاكبر من الكعكة العراقية .

إن أي عاقل يدرك جيداً أن تصرفات العديد من العاملين في الشأن السياسي، تدخل في باب التدليس السياسي، حين يتم استدعاء الطائفية وتسخيرها لخدمة المصالح الشخصية، خاصة إذا كان المقربون من السلطة لا يتذكرون ابناء طوائفهم إلا عند الدفاع عن مصالحهم الخاصة .

لطالما شاهدنا نواباً تأخذهم نوبة من الدروشة، حين يتم الحديث عن الفساد وسرقة المال العام ، مرات كثيرة نسمع ونشاهد نواباً يُخرجون الدستور من جيوب جببهم ويصرخون ضد كل من يطالب باحترام حقوق الآخرين، أو لأن البعض يريد أن ينتصر لحق العراقيين في العيش بمجتمع يحترم خياراتهم السياسية والفكرية والاجتماعية.

لماذا أصبحت الطائفة أهم، وأقوى، والتعامل بمنطق الطوائف هو البديل للمواطنة؟، لماذا نجد أنفسنا أمام ساسة يتصورون أن العراق في خطر لو لم يحصلوا على كراسي السلطة ، فيما الواقع يقول إن العراقيين لايبالون بالبرلمان ولا تهمهم طلة النائب مثنى السامرائي ، كل يوم نسمع ونشاهد نواباً يزأرون غضبا ضد كل من يتحدث عن العدل الاجتماعي وحقوق الناس .

مسؤولون وسياسيون لم يحفظوا من قاموس السياسة سوى كلمة واحدة "الثأر" متناسين أن "الثأر" لا يبني أوطاناً ولا مجتمعات ولا حتى "صريفة".. لماذا؟ لأن الثأر يعني ببساطة أننا نعيش في مجتمع تحكمه جماعات مسلحة وزعماء طوائف لا زعماء سياسة.. الثأر ضد القانون، وأي مجتمع يصر قادته على اتباع أسلوب الثأر فهو مجتمع متخلف.. اليوم نرى العالم يتطور من حولنا لأنه حرّم كلمة الثأر في الخطاب السياسي.. يعلمنا إمام العدل علي بن أبي طالب درساً قيماً في الترفع عن الضغائن حين يقول: "آلة الرياسة سعة الصدر".

استدعاء نظرية السحل ومواصلة الشحن الطائفي ، لا بديل عنهما أمام سياسيين لا يرون الآن إلا أنفسهم، ولم يروا طوال أكثر من تسعة عشر عاما من الحكم إلا أنفسهم أيضا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram