التجاذبات والضغوط أجهضت مشروع الحكومة في القرار 184
أنديتنا تعتاش على المُنح ولا تتمكّن من الإيفاء بلائحة الاحتراف
بغداد / إياد الصالحي
(1-2)
أكد أ.د. ماجد التميمي عميد كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة في جامعة البصرة ( 2003 -2010) وعضو اللجنة المؤقتة لإدارة العمل الرياضي عام ٢٠٠٨،
أن مضي 19 عاماً على الحركة الرياضية في العراق من دون أن تنعم بالاستقرار مع عدم أداء اللجنة الأولمبية الوطنية الدور الحيوي في صناعة البطل الأولمبي، مُرتبط بعاملين مهمّين لابد من بحثهما أولاً توقّف الرياضة قبل عام 2003، وثانياً عودتها العام نفسه وما تلاه، كون هناك كثير من المتغيّرات التي سادت المشهد الرياضي وأثّرت في الأفعال والنتائج.
وقال التميمي في حديث خصّ به "المدى" :الكلّ يعلم أن العراق دخل في مخاضات سياسية في مرحلة ما قبل عام 2003، وتطلّبت أن يصدر المجتمع الدولي عدّة قرارات عزلتْ العراق عن المجتمع الذي صنّفه مهدّداً للأمن والسلم الدوليين، ما سبّب لغطاً كبيراً عطفاً على مواثيق الأولمبية الدولية التي تمنع تدخّل الشأن السياسي في أمور الرياضة، وفي الجانب الآخر حمّلوا الرياضة أخطاء حكّام البلد، وهي مسألة غير صحيحة".
وأضاف :"حتى الآن لم يستطع الحل الدبلوماسي من معالجة الآثار المترتّبة على الرياضة نتيجة القرارات السياسية الدولية تجاه سياسة النظام السابق، كما لم تستطع الدبلوماسية أن تعزل اللجنة الأولمبية باعتبارها مؤسّسة مدنية عن المؤسّسات السياسية لذلك النظام، وعدم تحمّل تلك الآثار، بدليل أن العراق اليوم في عُزلة مستمرة مع الاتحادات الدولية وخاصة الفيفا حيث تنوّعت قراراته السلبية مثل الحظر تارة يرفعه جزئياً ثم يُعيده كلياً وتارة أخرى يمنع إقامة المباريات الرسمية في ملعب البصرة الدولي ويسمح بتنظيم بطولة غرب آسيا في العاصمة بغداد في وقت يمنع منافسات قارية أخرى من التنظيم داخل العراق، كل ذلك بقرار أحادي منه لا رأي للعراق ممثلاً باتحاده سوى بالتصويت لانتخاب رئيس الفيفا بموجب توافقات مسبقة لا تضمن مصلحة العراق، مع أن الاتحاد الدولي حمّل الموضوع أكثر من استحقاقه".
وأوضح "أرى أن الحلَّ بسيط، ولا يستدعي كل هذه البيانات والاضرار بالمنتخب الوطني، وهوأن اللجنة الأولمبية مؤسّسة مدنيّة مستقلّة لا علاقة لها بالتجاذبات السياسيّة، وبعيدة عن سيطرة الحكّام والدول، ويفترض أنها تدير شؤونها بنفسها، وفي الوقت هناك صدرت قرارات من الأولمبية الدولية أرتبطت بالسياسة، ونتمنّى أن تردّ عليها الأخيرة".
ندوات ديمقراطية
وأشار الى أنه "للنظر في واقع الرياضة ما بعد 2003 ومحاولة تأسيسها وفقاً للوضع الديمقراطي الجديد، استلزم عقد ندوات ومؤتمرات كثيرة حضرتها شخصيات معروفة خلال العهدين، ولا نعرف محتوى البرامج التي تمّت مناقشتها، إذ بعد مدة قصيرة كشفت نتائج تلك المؤتمرات أن المقدّمات لم تكن صحيحة، فبعض القرارات قديمة والأخرى شكلية، وقانون اللجنة الأولمبية صدر بعد 17 عاماً صبرت خلالها المؤسّسات على صدوره، ووقتها لا نعرف ما مواصفات الاشخاص الذين تم الاجتماع بهم وقيل بأنهم مسؤولون عن تحديد شكل الرياضة العراقية، وامتلكوا حقّ تنصيب قادتها من دون الرجوع الى الآخرين اصحاب الرياضة الحقيقيين".
رأي معارض
وكشف التميمي "عاصرتُ انتخابات الأندية والاتحادات الرياضية عام 2004 وكنت معارضاً لها وأبلغتُ مؤسّسات البصرة بمقاطعة الانتخابات وما دعا اليه مارك كلارك، المستشار الأول للرياضة في العراق عام 2003، وما أسّس لوضع إدارة رياضة بلدنا بالتعاون مع بعض الإخوة الذين يتواجد قسم منهم في الوطن حالياً والآخرين ماتوا أو هاجروا، إذ أن اللبنة الأولى لإنشاء الرياضة لم تكن سليمة، وإن كان غير ذلك فأين الاشخاص الذين نفّذوا البرنامج؟ ولماذا ظلّت الرياضة متراجعة منذ ذلك الوقت؟ أما البرنامج غير مناسب أو اختيار المُكلفين بتنفيذه غير مؤهّلين"!
الدور الحكومي
ولفت إلى أن "الحكومة لم تتدخّل في الرياضة منذ 2003 الى الآن، فهي تدعم جميع مؤسّسات الرياضة بملايين الدولارات، وترعى وتحتضن بكل ما تملك من مستلزمات، وتوفر البُنى التحتية، ولما تزل تمنح اللجنة الأولمبية الوطنية مليارات الدنانير من موازنات العراق لإدامة عملها، وكان تدخّل الحكومة في عام 2008 بحلّ المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية بالقرار 184 وتشكيل لجنة مؤقتة، أفضل قرار أتخِذ وفقاً للظروف آنذاك، ولا ننسى التجاذبات والضغوط الأخرى التي رافقت عمل المؤقتة قد أجهضت مشروعها الكبير المتمثّل بتأسيس رياضة عراقية جديدة، فأكتفت بإجراء انتخابات الأولمبية عام 2009 من دون أن تضع لها برنامجاً جديداً يُعيد تأهيل الرياضة العراقية مع فرض احكام المُراقبة والتدقيق على عملها، وتقييم أداء المؤسسة باقسامها، لهذا أنتهى الدور الحكومي حال ممارسة الجمعية العمومية حقّها الانتخابي بالتصويت للكابتن رعد حمودي وزملائه".
وأكد التميمي "أما بخصوص موقف الحكومة من الأندية، فطبيعة الأندية في جميع دول العالم استثمارية، إلا في العراق فإنها استهلاكية، وتعتاش على مُنح الحكومة، وهنا استغرب كيف يُطلب من الأندية أن تُطبّق لوائح الاحتراف في دوري الكرة المقبل والأموال المتحرّكة لدى بعضها تحوم حولها شُبهات الفساد؟
تأهيل الشباب
وبخصوص عدم تدخّل الدولة ممثلة بوزارة الشباب والرياضة على مرّ حقائب الوزراء الستة بتماس مباشر مع مؤسّسة الأولمبية سوى لفضّ النزاع معها حول عائدية الأندية أو عدم الاعتراف بانتخاباتها، حتى ظلّت العلاقة بينهما متوترة، قال "معلوم أن الوزارة تنأى عن أي تماس مع الأولمبية الراعية والمُشرفة على عمل الاتحادات الرياضية، كون الوزارة مؤسَّسة بقانون يسمح لها ولوزيرها ممارسة صلاحيات محدّدة في إدارة أمور الرياضة بعيدة عن حدود الأولمبية، فتقوم برعاية الشباب والمواهب ورياضة الجميع وبعض المؤسّسات، وتضع برنامج تأهيل الشباب بدنيّاً وعلميّاً وفنيّاً، وتأخذ بأيديهم تربويّاً ليكونوا قادة في المستقبل".
وتابع "دور الوزارة مهمّ في حثّ الشباب للدفاع عن بلدهم في شتّى المجالات، ولديها تدخّلات مع وزارتي التربية والتعليم العالي والمؤسسات الأمنية للمحافظة على الشباب كمواطنين أسوياء، ثم أن كثير من أهداف الوزارة ظلّت (حبر على ورق) وفي نظر الناس مُكلّفة ببناء الملاعب والمسابح والقاعات والمسارح! فما فائدة كل هذه المنشآت إذا لم تنجح الوزارة بتغيير سلوك الشباب إيجابياً ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع؟ هل أدّت الوزارة واجبها؟ إن كان كذلك كيف انتشرت ظاهرة تعاطي المخدّرات بأعداد كبيرة والمِثلية الجنسية والإلحاد وجرائم الاغتصاب وغيرها"؟
- يتبع -