إياد الصالحي
منحت بطولة كأس آسيا تحت 23 عاماً التي اختتمت أمس الأحد بفوز منتخب السعودية على أوزبكستان (المضيف) وحصوله على اللقب، منحت اتحاد كرة القدم فُرصة ثمينة للبدء بتثبيت ركيزة أول عمل اصلاحي في أساس المنتخبات الوطنية لو فطنت لجنتها إلى ذلك، وخصَّصتْ بعض اجتماعاتها لدراسة الأمر بدلاً من استحواذ مصير المنتخب الأول على مُجمل الافكار والمقترحات منذ خروجنا المؤسِف من منافسات التأهيل الى مونديال قطر 2022.
الأعمار الواجب مشاركتها في النسخة السادسة من بطولة كأس آسيا تحت 23 عاماً يُفترض أن تستوفي شروط الاعتماد المُبلّغة من قبل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ونظراً لفشل مشروع منتخبنا الأولمبي مع مدربه التشيكي ميروسلاف سوكوب وثنائي ملاكه المساعد عباس عبيد وسعد حافظ، مع تقديرنا لجهودهم وسعيهم لتحقيق منجز جديد، نعرض على لجنة المنتخبات مقترح تشكيل منتخب تحت 23 عاماً يـأخذ على عاتقه مسؤولية نقل الأولمبي الى مسابقة اللعبة في دورة باريس الأولمبية عام 2024 الأمتحان الأكثر أهمية لكرتنا، ليس لتحقيق التأهل الكروي السادس الى الأولمبياد مع مشروعية ذلك، لكن لكشف هوية منتخب الأمل المونديالي والتدرّج معه خلال الأعوام الخمسة (2022و2023و2024و2025و2026) فحسب، بل ليشتدَّ عود المنتخب بلاعبين مُتمرِّسين بروحية شبابيّة متعشّقة مع مُتعة أداء اللاعبين المحترفين، ومُدعمة بلاعبي الخبرة مع ثلاثة من أبرز اللاعبين الناشئين.
السنوات الخمس المُقبلة تترقّب قراراً جريئاً من اتحاد كرة القدم يُترجم تطلّعاته لتواجد كرتنا ثانية في نهائيات كأس العالم بعد نسخة المكسيك عام 1986، تماشياً مع تصريح نائب رئيس الاتحاد يونس محمود بتحديده هدف الصعود الى أحّد المونديالين 2026 أو 2030 سواء بتواجد أعضاء اللجنة التنفيذية الحالية أم مغادرتهم!
الصحيح وضع نقاط احترافية في آلية تحقيق الهدف لا يمكن التلاعب بها طالما أنها تلتزم بفئة عمرية تمثّل عنواناً مهماً لجيل خالٍ من شُبهات التزوير بمدة صلاحية 10 سنوات كاملة تعيد ذاكرتنا إلى جيل بنغلاديش الذي شارك في بطولة آسيا للشباب (5-28 تشرين الأول 1978) وتناصفَ باللقب العشرين مع كوريا الجنوبية تحت قيادة المدرب اليوغسلافي كاكا مثّله وقتها عدنان درجال وناظم شاكر وحارس محمد والأخوين كريم وخليل علاوي والحارس سميرعبدالرضا الذين تم اعتمادهم في المنتخبات الوطنية اللاحقة حتى عام 1988 ومنهم من استمرَّ لثلاث أو أربع سنوات إضافية، وهي التجربة الأمثل في تاريخ كرتنا كسياسة راعية لعناصر المنتخب الشاب ونتائجهم الباهرة بانتزاع بطاقة المونديال لأول مرّة.
اتحاد كرة القدم أمام تجربة مهمّة إذا ما أعتمد منتخب الشباب بقيادة عماد محمد ليكون نواة أولمبياد باريس الثالث والثلاثين وكأس العالم الثالثة والعشرين والأخيرة تُنظّم لأول مرّة في ثلاث دولة بضيافة إحدى عشرة مدينة أمريكية وثلاث مُدن مكسيكية ومدينتين كنديّتين، وهنا نتحدّث عن منتخب يتمُّ تحضيره مبكّراً بعناصر تزداد خبرة بتقادم الأشهر، وليس بالضرورة أن يكون المدرب نفسه من يستمر معهم، وقد يبقى برفقة مدرب أجنبي كُفء يعرف خبايا المحافظة على التشكيلة من نضوب العطاء، ويَستبدل اللاعبين حسب حاجته ومدى قدرة اللاعب نفسه على العطاء من عدمه.
هذا المقترح إن تمّ تنفيذه سيُخلّصنا من إجراءات ترقيعيّة شهدها الاتحاد في غير مناسبة منذ عام 2003 حتى الآن، وكُلّنا يتذكّر ماذا حلّ بتشكيلات منتخبات الشباب والأولمبي التي لم يُكتب لعناصرها ديمومة الرحلة على يد مدرب واحد، مثلما تفتخر دولة قطر بتجربة منتخبها الرائعة مع الإسباني فليكس سانشيز باس (47 عاماً) الذي استعان به الاتحاد القطري لكرة القدم في عام 2013 لقيادة فريق العنابي تحت 19 عاماً، واصطحب ذات الاسماء بعد ست سنوات لحمل كأس آسيا للكبار.
دعوة للتفاؤل بالمقترح الذي عضّده المدرب المحترف في النرويج يونس القطان، الداعي ولمّا يزل منذ أول زيارة عمل لبغداد عام 2007 الى حملة محاربة التزوير في الفئات العمرية والصبر على نتائجها والتدرّج بعلمية في معسكرات أوروبية متوالية تَعهَّد القطان بتأمين برامج معايشتها في ملاعب وطنه الثاني خدمة لأبناء العراق شريطة إبداء الاتحاد حُسن النيّة في التعاون معه بعيداً عن سياسة التهميش ونزع الثقة المُسبق وحفر الخندق ضده وضد كل من تدفعه المصلحة الوطنية لإبداء رأي نزيهٍ بغية إنتشال اللعبة من حُقبة العبث بأجيال المنتخبات الانتقائية وفاً لمزاج رئيس الاتحاد أو نائبه أو وكيل أعمال .. أو إعلامي!