عمـار سـاطع
قبل أقل من عامين بالتحديد، بدأت بوادر تشكيل نواة رابطة دوري المحترفين لكرة القدم العراقي بهدف التأسيس الفعلي لمحطة الإرتقاء بواقع المستديرة والانتقال من سنوات الهواية الضائعة والتحوّل صوب المرحلة الحاصلة في دُنيا اللعبة الشعبية الأولى!
كنتُ قد كتبتُ في هذه الزاوية مقالاً تحديداً يوم 30 من حزيران عام 2020، تحت عنوان "تَحّديات رابطة الدوري" تحدّثتُ بشيء من الإيجاز عن إيجابيات وسلبيات التحوّل وتطرّقتُ الى الصعوبات التي قد تواجه المرحلة التي ننشدها وينشدها أهل الكرة، مثلما ذكرت عن هناك خطوات يجب أن تُفَعَّل لِتدعم هذا الإجراء من تشكيل الرابطة والتأسيس لدوري محترفين فعلي يضمُّ نخبة الأندية الأبرز والشروط الواجب توافرها!
الأهم من كلّ ذلك أن الانتعاش الاقتصادي يضربُ معاقل الأندية من خلال عوائد التسويق وعقود الرعاية والاعلانات والنقل التلفازي، إذ ستجني الأندية أموالاً طائلة، بمقابل ما يتوجّب عليها أن تتخذه من شروط وضوابط لِتَعبُرَ هذه المرحلة وتتّخذ لنفسها مكانة بين الأندية التي استوفت التراخيص التي تسمح لها بخوض تجربة الدخول بدوري النخبة للأندية المحترفة.
عوامل عدة يُمكن أن تسهم في إنجاح فكرة التحوّل الى دوري المحترفين، في ظلّ الانفتاح الحاصل أوّلاً ووجود البُنى التحتيّة الجيّدة، وملاعب بنوعيّات يُمكن أن تكون بوّابة للانطلاق بسرعة صوب دوري يضمّ الأفضل والأحسن سواء من الأندية أو المدرّبين واللاعبين، وكذلك الحال بالنسبة للأرصدة المستقلّة التي يفترض أن تكون ناتجة من رأس مال الأندية التي تتحوّل الى شركات أو مؤسّسات غير تابعة الى الحكومة، لتُسَجَّل ضمن كوكبة الأندية التي نزعت ثياب الهواية وارتدت قميص الاحتراف.
وعلى ما يبدو فإن اتحاد الكرة عازمٌ وبقوّةٍ للتحوّل من الدوري الممتاز الى دوري المحترفين، أسوة ببقية دول الجوار أو بهدف تصحيح المسار ومواكبة الارتقاء الحاصل وهو ما يصبُّ في صالح اللعبة من حيث التنافس والتصاعد في المستويات وينعكس فيما بعد على مستوى المنتخبات الوطنية، بل أن اتحاد اللعبة مُصرّ جداً على اتباع الشروط التي أقرّها الاتحاد الآسيوي، لكنّه لم يلزمها اطلاقاً في تحويل دوري أندية الهواة الى دوري أندية الاحتراف، لكنّه يمنع من مشاركة الأندية التي تلعب في دوريات غير محترفة في مسابقته السنوية وأهمّها دوري أبطال آسيا الذي سينتقل الى شكله الجديد في العام 2024.
وفي اعتقادي الشخصي، لا توجد أية فرصة للعراقيل أو مساحة للصعوبات قد تعتري مسيرة الأندية الراغبة بالتحوّل من حالة التخصيص المالي والدعم الحكومي المُقدّم الى أندية تنتج المال بنفسها وتستثمره وتضع لنفسها خُططاً خُمسية على أقل التقديرات وتكتب أهدافها وستراتيجيتها المقبلة وتتمكّن من فرض وجودها باستقلاليتها، وتكون قادرة على تحطيم قواعد الإصرار على البقاء تحت خيمة الدولة مالياً أو تعيش تحت ظلّ قوانين لا تجدي نفعاً، وتفرض عليها الكثير من التبعات والأمور التي تبتعد عن الاحترافية وتدخل في خانة الكلاسيكية.
وفي تقديري أيضاً.. فإن هذا الأمر سيعيد لدوري الكرة حالته التنافسية التي غادرها منذ عقدين وربّما أكثر، من خلال تقليص عدد الأندية والتركيز على انتشال اللعبة التي تراجعت وربما اِنهارت بسبب البدائيّة التي أنهت حياة أجيال كروية، بسبب الاهتمام بدوري الكبار وإهمال دوري الفئات العمرية، قبل أن تستردّ منافسات دوري المظاليم، وكذلك دوري المراحل السنيّة نشاطها، هذا كلّه إضافة الى عدم تدخّل الاتحاد في عمل رابطة الدوري إلا بِجُزئيّاتٍ بسيطةٍ الهدف منها تنظيمي أكثر من أن يكون قريباً من قضايا تتعلّق بالحيادية، والأهم أن يبتعد عن موضوع الانتخابات والميلان الذي قد يحدث لها النفر أو ذاك!
الأهم أيها الإخوة.. أن يتمّ العمل بدوري المحترفين وأن ندعم ونُشجع الأندية على كسر حاجز التخوّف، والأكثر أهمية من ذلك كلّه هو أن تتمّ الاستعانة بخبرات إدارية وشخصيات بارزة، وأن يتم اختيار مجاميع من اللاعبين الدوليين السابقين ممّن لديهم الخبرة والباع الطويل لزجّهم في رابطة دوري المحترفين للعمل على تحسين الصورة، وتمكين الأندية من أخذ دورها في خوض غمار دوري تُسلّط عليه الأضواء، وينبغي أن يكون الجميع مشترك في عملية إحداث النقلة التاريخية لكرة القدم العراقية بعد 48 موسماً من المكوث في مرحلة دوري الهواة.
أخيراً أقول.. التخوّف من دوري المحترفين، لن يأتي بنتيجة، لأنه سيكون عاجلاً أم آجلاً واقع حال، علينا الاعتراف به وتجريبه اليوم قبل الغد، لأننا في النهاية سنُطبّقهُ بكل الأحوال، والتسريع في خطواته أفضل من أولئك المُتعكّزين على عوامل تُصعِّب تطبيقه أو المتخوّفين من تحقيقه!