عمـار سـاطع
أعرف تماماً أن أمراً كهذا أصبح واقع حال لا محال منه، مثلما أعلم تماماً أن القضية برمّتها تعكس واقع الاتجاهات المختلفة والآراء المتباعدة التي يطمح كل فردٍ منّا الهيمنة على السُلطة بعيداً عن اللجوء الى الأحكام والقوانين والأنظمة واللوائح المعمول بها، وشاء من شاء أننا نعيش في فترة "الصراع من أجل البقاء"؟!
هكذا تسير الأمور، وهو ما أوصلنا الى أن نأتي باسم أعرق أندية البلاد، نادي القوة الجوية، ليصل به الحال الى أن يتشظّى بهذا الشكل، ويندثر واقعه، ليصبح مؤقتاً لا بإدارة واحدة، بل بإدارتين، والسبب هو في ضُعف المؤسّسة التي يرتكز عليها، والتخبّط الذي ضرب وكر الصقور هذه المرّة، سيكون مؤثراً بالدرجة السلبية على النادي الذي تقف خلفه جماهير كبيرة، عاشقة للأزرق ومليئة بالحبِّ وبالشغفِ من أجله!
لستُ هنا بصدد عملية سرد ما حقّقه القوة الجوية، النادي، من مكتسباتٍ رياضية أو أن أذكر عمالقة مُحبّيه أو حتى انجازاته التي سُجِّلَتْ على مدى (91) عاماً، أو أن اكتب عن الاسماء التي كان لها شرف تمثيل الفريق لاعبين ومدربين وإداريين، ولكن المنطق يفرض علينا أن نتحمّل وزر الأخطاء التي أرتُكِبَت بحقّ هذا الصرح التاريخي العميق، والذي ربّما عُمقه يتجاوز حتى عُمق تأريخ رياضة العراق كُلّه!
ما يحدث لنادي القوة الجوية، هو أشبه بالمشكلة التي ليس لها أي حلٍ يرضي الجميع وينهي الصراع ويطفئ فتيل أزمة خانقة قد يقضي دُخانها على مسيرة تسعة عقودٍ من الزمن، نتيجة التمسّك بالسُلطة والتزمُّت بالرأي والمنافسة على المقاعد، بعيداً عن الإيثار الذي يفترض ان يتحلّى به الجميع ونكران الذات أمام اسم القوة الجوية الذي يتداوله الشارع الرياضي بشيءٍ من البؤس الذي وصل حدود فقدان الألقاب نتيجة الاختلافات والاختلالات التي أوقفت قدرات النادي العريق المتمثّلة بفريق كرة القدم!
فلا لقب دوري حافظ الفريق عليه، ولا بطولة كأس أبقاها في خزانتهِ، هذا بالإضافة الى التشظّي وحالة المحسوبيّة التي قسّمت النادي واستنزفت منه ووضعته أمام حقيقة تأريخية وحُقبة سيّئة ربما هي فريدة من نوعها، وربما لن تتكرّر.. كيف لا وقد أصبحت الهيئة العامة طرفاً تُساقُ بإرادات الواحدة أقوى من الأخرى، بل وتكون الفيصل في حسم التوجّهات التي من شأنها أن تُبدّد الأحلام وتدقّ أسفين الخطر في مستقبل النادي الذي عرفهُ الجميع بأنه النادي الأم في العراق!
إدارتان تقودان النادي، عبر هيئتين مؤقّتتين، واحدة تتّخذ من جانب الرصافة مقرّاً لها وأخرى تعمل في جانب الكرخ، واحدة بهيئة عامة قوامها 244 عضواً وأخرى بضعف هذا العدد!! واحدة مُعترفٌ بها من قيادة القوة الجوية وتمتلك المال وشُكِّلَت أواخر الشهر الماضي وجمعت الكلّ تحت خيمتها، والأخرى يقودها بعض الرياضيين وتعمل وفقاً للسياقات المعمول بها وخزنتها خالية من السيولة وتم تشكيلها قبل يومين!
كلّ ذلك يجري تحت أشعة الشمس اللاهبة وفي العَلن ودون أن يكون هناك أي احترام لكائن من كان، وبتوجيه واضح وفي ندّية مكشوفة وبنظرية العينُ بالعينِ والسنُ بالسنِ، مع الاكتفاء بتصريحات تضرب الجهة الأولى بالثانية والعكس صحيح، أضف الى ذلك تزامن الأمر مع الخلافات التي عصفت بالنادي من جهة ووضعته أمام مشاكل كبيرة لا أوّل لها ولا آخر!
أيها الإخوة.. انا شخصياً أعتبر ما حصل هو نقطة سوداء تُسَجَّل في تأريخ من يقود القوة الجوية، وفي هذه الحُقبة بالذات، لأنه اسهم بزراعة بذور الفتنة التي لن تهدأ، وربما سيكون هناك ناديين باسم واحد، في سابقة لم ولن تحدث أبداً، وهو أمر يفصله القانون إن أحتَكَمَ أليه أولئك الذين يضعون أسماءهم جانباً أمام مصلحة هذا النادي الكبير، أو الذين لديهم الاحترام المفترض لاسم وسمعة وتاريخ القوة الجوية أو الذين يملكون من الحكمة الكثير يؤدّون رسالتهم أمام شعار نادي القوة الجوية بشيء من التقدير!
أقول.. ستزول الأسماء ويبقى اسم القوة الجوية.. سينتهي الجدول ويقضي على الخلاف ويحسم الصراع.. ويبقى اسم القوة الجوية.. سينتهي كل شيء وتبقى انجازات القوة الجوية وتاريخه الناصع.. وسامح الله من دقّ ناقوس الفتنة من أجل مصلحته الشخصية على حساب مصلحة النادي الأعرق!
رسالتي الى الجهات المعنية من وزارتي الدفاع والشباب والرياضة وقيادة القوة الجوية.. التدخّل الآن أهم من أي وقت مضى.. فنادٍ مثل القوة الجوية لا يستحق ما يحدث به من تشتّت بهكذا طريقة مقصودة!