علي حسين
أتابع دوماً قضايا المسؤولين في بلدان العالم، وكان آخرها قضية رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسوا فيون الذي اتهم في قضية التوظيف "الوهمي" لزوجته، حيث أن المدعي العام، أتمنى أن تركز "جنابك" على مفردة المدعي العام التي غابت في بلاد الرافدين،
وأصبحنا أسرى قرارات المحكمة الاتحادية، فقد أعلن المدعي العام الفرنسي أن رئيس الوزراء الأسبق متهم باختلاس أموال عامة، فكيف سمح لنفسه أن يعين زوجته؟، وأيضاً أتمنى عليك عزيزي القارئ ، أن تقف عند موضوع تعيين زوجته وليس أبناء عشيرته وأقاربه واحبابه ، هكذا إذن حكم على الرجل بالسجن في قضية وظيفة وهمية، بينما في بلاد الرافدين شاهدنا، بالصوت والصورة، النائب السابق، "الرشاش"، محمود الحسن وهو يوزع سندات الأراضي الوهمية ويعلن تعيين المئات، فقط من أجل أن يصوتوا لـ"سيادته"..وبعد كل هذا تمت مكافئته بتقاعد مليوني وبجواز سفر دبلوماسي وبلقب نائب سابق .
أقرأ التعليقات حول قضية رئيس وزراء فرنسا، وأنا أفكر في حالنا، وليس في فرنسا. لم يخرج الرجل ليهدد أو يشتم، فقط استجاب لقرار القضاء واعتبر ما جرى خطأ ارتكبه وأنه يحترم القضاء.. برغم الظلم الذي تعرض له. لكن في الحقيقة حين قرأت قضية رئيس وزراء فرنسا الأسبق أدركت أنني تجنيت على مسؤولينا كثيراً حين اتهمتهم بالفساد وسرقة المال العام والانتهازية والتزوير، فهذا السياسي الإيطالي ارتكب جرماً أشد وأبشع من كل ما فعله السيد مشعان الجبوري الذي أعلنها ذات ليلة صريحة وواضحة: قبضنا جميعا رشاوى بملايين الدولارات .. دون ان يسأله القضاء : كيف واين ولماذا ؟ .
هكذا هبت العاصفة، إذ كيف يمكن الوثوق بسياسي تحايل على القانون؟ لكن هذا السياسي لم يخرج على الناس ويقول إن عدد الذين يهتفون باسمه يفوق عدد الذين اكتشفوا تحايله على الدولة، ولم يصرح بأن سجنه يعد انقلاباً على الديمقراطية، فقط اكتفى الرجل بأن اعتذر، وقرر أن يستأنف الحكم.
تخيلوا لو أن مسؤولاً عراقياً اتُّهم بتعيينه أبناء عشيرته، ماذا كان سيفعل؟ حتماً سيصف متهميه "بالثلة الفاسقة" وبأنهم يريدون تحويل العراق إلى دولة إباحية، وأن هناك مخططاً تقوده خلايا البعث بالتعاون مع إرهابيي القاعدة لتشويه سمعته، ولصرخ بصوت عالٍ أنه باقٍ في منصبه إرضاءً للجماهير التي لا تنام إلا وهي تضع صورته تحت الوسادة!
تحصد دول العالم المستقرة اليوم ثمار حلم سياسييها ومسؤوليها بدولة مستقرة اقتصادياً وسياسياً، في المقابل نحصد نحن مع ثمار أحلام المالكي عشر سنوات من الخيبات والأزمات.. ونحقق أرقاماً قياسية لا في التنمية والبناء، وإنما في مجال أوسع وأرحب، وهو لائحة الدول الأكثر خرابا .