علاء المفرجي
- 1 -
واجه المهتمون بالسينما في السنوات الاخيرة، اختفاء واضمحلال عديد الافلام القديمة والتي يشكل الكثير منها وثائق لبداية عصر السينما، وايضا توثيقا لمسيرة مخرجين قدماء عانت أفلامهم هذه المشكلة، فالغالبية العظمى من الأفلام التي تم إنتاجها في العصر الصامت تعتبر الآن ضائعة إلى الأبد.
تم تصوير أفلام النصف الأول من القرن العشرين على قاعدة غشاء نترات السليلوز غير مستقرة وقابلة للاشتعال بشدة، الأمر الذي تطلب تخزينًا دقيقًا لإبطاء عملية التحلل الحتمية بمرور الوقت. لم يتم حفظ معظم الأفلام المصنوعة من مخزون النترات ؛ على مر السنين، انهارت صورهم السلبية والمطبوعات إلى مسحوق أو غبار. تم إعادة تدوير العديد منها لمحتواها الفضي، أو تم تدميرها في حرائق الاستوديو أو القبو. لكن السبب الأكبر كان التدمير المتعمد. كما يوضح روبرت أ. هاريس، عالم الحفاظ على الأفلام، «لم تنجو معظم الأفلام الأولى بسبب النكات الجماعية من قبل الاستوديوهات. لم يكن هناك أي تفكير في إنقاذ هذه الأفلام. لقد احتاجوا ببساطة إلى مساحة قبو والمواد كانت باهظة الثمن منزل.» [12] كانت الأفلام الصامتة ذات قيمة تجارية قليلة أو معدومة بعد ظهور الأفلام الصوتية في الثلاثينيات، وبالتالي لم يتم الاحتفاظ بها. نتيجة لذلك، تم اقتراح الحفاظ على الأفلام الصامتة النادرة الآن كأولوية عالية بين مؤرخي الأفلام.
بسبب هشاشة مخزون الأفلام، عادةً ما يتضمن الحفظ المناسب للفيلم تخزين السلبيات الأصلية (إذا نجت) والمطبوعات في مرافق يتم التحكم فيها بالمناخ. لم يتم تخزين الغالبية العظمى من الأفلام بهذه الطريقة، مما أدى إلى تدهور واسع النطاق لمخزون الأفلام.
في سياق الحفاظ على الفيلم، يسلط مصطلح « الحفظ الرقمي « الضوء على استخدام التكنولوجيا الرقمية لنقل الأفلام من 8 مم إلى 70 مم في الحجم إلى شركات النقل الرقمية، وكذلك جميع الممارسات لضمان طول العمر والوصول إلى الرقمية أو المولودة رقميًا مواد الفيلم. من الناحية التقنية والعملية البحتة، يرمز حفظ الفيلم الرقمي إلى مجموعة فرعية محددة بمجال من ممارسات المعالجة الرقمية.
ومع شيوع فكرة الترميم التي اصبح لها مؤسسات كبيرة، بسبب الفائدة الكبيرة منها، وتوجه الكثير من البلدان لها لإعادة ترميم أفلامها، مثل مؤسسة سكورسيزي لترميم الافلام وهي من أولى المؤسسات التي عملت في هذا المجال، ومن هنا بدأت تستعاد العديد من الافلام القديمة والتي أصابها التلف. فبعد 100 عام على فيلم (ذا كيد) “الطفل”، أول فيلم روائي طويل أخرجه وقام بدور البطولة فيه شارلي شابلن، تستخدم شركة فرنسية التكنولوجيا الحديثة لتحسين جودة الصور في بعض من أشهر أفلام الكوميديا الصامتة بهدف عرضها في دور السينما بجميع أنحاء العالم. وقبل سنوات سنحت لي الفرصة في مهرجان ابو ظبي لمشاهدة فيلم المخرج الأرمني باردجانوف (لون الرمان) وهو واحد من كلاسيكيات السينما، الذي عرض في المهرجان مرمما من قبل مؤسسة سكورسيزي.
وهكذا خصصت أغلب المهرجانات قسما خاصا في برنامجها يتضمن عرض الافلام المرممة، لتعطي دافعا لسينما العالم للأهتمام بهذ الالية لحفظ افلامها، وايضا توفي فرصة للجيل الجديد في متابعة العديد من الافلام.
(يتبع)