عبد المنعم الأعسم
معارك السياسة وصراعاتها تتبادل وخشبة المسرح الكثير من فنون ليّ الاقدار. كلاهما يسعى الى نهاية سعيدة، والى ضحية تدفع الثمن.
معركة تشكيل الحكومة تبدو مسرحية هابطة الاخراج، والمخرجات، (وأيضاً) فضيحة الى أبعد الحدود، فهي معروفة النتائج بالنسبة للجمهور والمراقبين، منذ اليوم الاول للاعلان عن «الكتلة الفائزة» والجدل حول الاكبر والاكثر، والثـِقل في المقاعد أم في الطائفة، والكلام بشأن مرجعية رئيس الحكومة بين البيت الشيعي أم الفضاء الوطني، وما حصل في انتخاب رئيس مجلس النواب، ثم..(انتباه).. دخول المحكمة الاتحادية «المحسوب بدقة» لإجهاض فرص تشكيل حكومة الاغلبية السياسية.
والحال، لا مسافة كبيرة بين معارك السياسة وخشبة المسرح في ما تابعناه من تطورات.. فثمة احداث تتحرك بهدوء في بدايتها، قبل ان تدخل سلسلة تأزيمات، وتجاذبات وتهديدات ودخان معارك وتدخلات خارجية تزداد فظاظة.. ثم.. يتهيأ كل شيء (في الشارع وعلى خشبة المسرح) للمعركة الفاصلة.. والبقية على ردود افعال الجمهور التي لا يرصدها (في الغالب) السياسيون والممثلون على حد سواء.
جاك أتالي الخبير الفرنسي الاشهر في قضايا صراعات الحكم يحذر دائما من «سأم الجمهور» حيال «تكرار التسلط» وفي حديثه عن ازمة العراق (ويكيبيديا) يؤكد ان الانفراج مستبعد والاوضاع «الى تأزم».
وعندما انسحب الصدريون من قبة البرلمان ظهرت على خشبة المسرح جوقة الدعاة، احتفالاً بالانتصار، والفوز بالحكومة، وسرعان ما هرع بعض المهرجين (يسبقهم ابو مازن) من كتلة الى اخرى اكثر حظوة.. ونطّ بعض الممثلين الى واجهة المسرح ليتراجعوا عن تجريم التطبيعيين والمتآمرين والانفصاليين، ودعوتهم الى حكومة التوافق وكأن شيئا لم يكن، وكانت المعركة (المسرحية) ستمضي سهلة الى نهايتها السعيدة لولا خروج «فتنة المناصب» عن صمتها، كخروج براقش من مخبئها وهي تنبح..
وبراقش هذه في «كتاب الاغاني» كلبة، تنبهت الى قومٍ يهمّون بالاغارة على قومها، فنبحت، فتنبّه قومُها، فقاموا، وذهبوا إلى مغارة ليختبوا فيها، وعندما جاء اللصوص أخذوا يبحثون عن أهل القرية، ولم يجدوا أحداً، وعندما همّوا بالانصراف نبحت براقش، فانتبه اللصوص، فقتلوا عددا من قومها، وقتلوها أيضا، فقيل: جنت على أهلها براقش.. وضُرب ذلك مثلٌ للحماقة، إذْ نورده هنا، في الاشارة الى احتفالات الانتصار بالسطو على تشكيل الحكومة، الذي انتهى الى فتنة، وقلْ الى مسرحية فاشلة.. ومملة.
اقول.. لا فصلاً ثانياً.. فإن نجحوا في تشكيل الحكومة ستكون في مهبّ الريح، وإن اخفقوا سيكونون في مهبّ الريح..
ــ ستارة
ــ تصفيق
استدراك:
في حارتنا ثمة ديكٌ عدواني، فاشيستي، سرق السلطة وألقى القبض على الحرية. ألغى وطناً. ألغى شعباً.. وألغى أسماء الأزهار.
نزار قباني