TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من البياتي إلى اردوغان

العمود الثامن: من البياتي إلى اردوغان

نشر في: 21 يوليو, 2022: 12:51 ص

 علي حسين

جميع مسؤولينا يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ومصطلحات وعبارات ضخمة. لكن 99٪ منهم لا ينفذون شيئاً مما يقولونه. روائح فسادهم ملأت أروقة مؤسسات الدولة وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحول بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس، تجدهم يتصدرون المشهد في جميع المناسبات، يتحدثون عن العدالة والحق ولكنهم يمارسون الظلم والانتهازية، ممتلئون غلظة وقحطاً روحياً يسيئون إلى الدين والأخلاق صباح كل يوم.

تذكرتهم اليوم وأنا أتابع حكاية السيد" حامد البياتي " الذي كان يشغل سابقاً منصب ممثل العراق في الأمم المتحدة وقبلها وكيلاً لوزارة الخارجية ، فقد ظهر الرجل في تقرير لقناة CNBC الاميركية ، وقد تخلى عن السياسة والاستراتيجيات وتفرغ الى مهنته الجديدة مستثمر في سوق العقارات ، لنجد انفسنا امام شخص يمتلك عددا من العقارات في مانهاتن نيويورك بملايين الدولارات و يبحث عن عقارات جديدة لأن لديه ملايين أخرى لم تستثمر بعد .. وأنا أشاهد التقرير ، تذكرت كيف مارس الامام علي بن أبي طالب السلطة بأعوام خلافته؟، لم يجد الإمام في الخلافة حقاً استثنائيا في المال والأرض، فساوى نفسه مع الجميع، رفض أن يسكن قصر الإمارة ونزل مستأجراً في منزل يملكه أفقر فقراء الكوفة . وعندما طلب منه سادة قريش أن يميزهم بالعطاء، قال لهم "لو كان المال مالي لسوّيت بينكم فكيف والمال مال الله"، ومن هذا الاعتبار كان موقفه عندما أبلغ أهل الكوفة أنه لن يأخذ حصته من العطاء قائلاً: "يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي فحاسبوني". فهو يرى أنه موظف مسؤول أمام أموال المسلمين وأنها مسؤولية مقدسة لا يمكن التفريط بها وأن القدسية هي في الحفاظ على حياة الناس وأموالهم لا في الشعارات البراقة الكاذبة.

مشكلتنا اليوم أن الجميع يرتكب الجرائم باسم الفضيلة وخطابات الحفاظ على الاخلاق ، فيما الناس تريد من يوفر لها الأمن والاستقرار، ويشعرها بالأمل في الغد ويطمئنها على مستقبل أبنائها، الناس لا تريد مسؤول ، ما ان يترك الوظيفة حتى يتحول الى مستثمر باموال البلاد ، وإنما تريد مسؤول تستطيع ان تقول له :" من اين لك هذا ؟ "

كنت انوي الكتابة عن العدوان التركي الذي يتكرر بين يوم وآخر ، وفي كل مرة تطلب الحكومة من السلطان اردوغان ان يتوقف عن القصف ، لكنه مطمئن ان القصف سيمر مثل كل مرة ، مجرد ادانات وخطابات ، بعد ذلك تتم مكافأة انقرة بان يتصدر العراق البلدان الاكثر استيرادا من تركيا .. قصف مقابل مليارات الدولارات من خزائن العراق تذهب لخزينة السلطان مع هتافات مضحكة من عينة "سيادة العراق خط أحمر".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram