عبد المنعم الأعسم
بصرف النظر عن أهلية وعدم أهلية المرشح المعلـَن لمنصب رئيس الوزراء، السيد محمد شياع السوداني، فان الجهة التي ستحكم فعليا، وسيكون رهيناً لها، بوصفها مرجعية الترشيح، وصاحبة سلطة القرار، وسيدة الحكومة ووزرائها هي (حصرا) فرقاء تحالف الاطار التنسيقي الذي (كما هو معروف) انهزم في انتخابات 2019 وحل بموقع الاقلية في مجلس النواب،
وكان مكانه الطبيعي والدستوري هو في المعارضة البرلمانية، اذا ما جرى الاستناد الى مفهوم الاقلية والاكثرية، وهو جوهر النظام الديمقراطي في تعريفه المدرسي، وياما صدع رؤوسنا جهلة المرحلة وسفهاؤها بالقول ان الديمقراطية هي حكم الاكثرية من دون (ان يتحدثوا أو يعرفوا) لوازمها وشروطها وحشواتها الاخرى.
وعوضا عن الاعتراف باحكام نتائج الانتخابات تابعنا لعبة بهلوانية مضحكة للالتفاف على تلك النتائج ابتدأت (أولا) بالعويل والشكوى من «تزوير الانتخابات» والتدخل الخارجي (بلاسخارت) في فرض أو دسّ ارقام على قوائم النتائج، ثم (ثانيا) الانتقال الى مسرحية «الثلث المعطل» لمنع تشكيل حكومة الاغلبية و(ثالثا) في إطلاق الحملة الانقلابية المنهجية الواسعة، بضغوط الجوار الهائلة على الفائزين في السباق الانتخابي، وباستخدام العنف والتخويف والتأليب الطائفي والارهاب، وبالمسيّرات والقصف المدفعي والتهديدات بالقتل، وبالاتهامات الشنيعة التي طالت كل المتمسكين بالعرف الديمقراطي واحترام نتائج الانتخابات، واخيرا (رابعا) ارشاء نواب كتل الاغلبية بالمناصب والوجاهات والفرص للانقلاب على كتلهم.
كل ذلك خلق بيئة سياسية واجتماعية وامنية غير مواتية للمضي بتطبيق السياقات الديمقراطية المفترضة بتشكيل حكومة من الاكثرية الفائزة في الانتخابات، باعتباره استحقاقا انتخابيا غير قابل للتجاوز، وترافق سيناريو الردة مع تسويق «منقذ المرحلة» ليكون رئيسا لحكومة بديلة عن حكومة الاكثرية، ليتم الفصل الاخير من الكوميديا السوداء حيث يُزج العراق، على يده، في معلوم السقوط بالهاوية.
وبات الامر مثل لغز يعيد الى الذاكرة جملة تصريحات وتلميحات عن مؤامرة لتدمير البيت الشيعي وقد جرى تسمية ابطال المؤامرة من الكرد والسنة ودول الخليج والغرب، فيما كانت الاتصالات ناشطة، بالسر والعلن، مع المنسوبة لهم ظنّة التآمر، وحين تحرك اللغز الى ملعبهم، وصارت الحكومة قاب قوسين أو أدنى من نواجذهم اختفت التهديدات والمسيّرات، وهدأت المدافع والتهديدات، وحل محل ذلك كلامٌ جرى تزييت فصوله بالوعود المصفطة، والتي لم يعدْ احدٌ يلتفت لها، حتى جمهورهم.
والحال، فانها ديمقراطية آخر زمان القائمة على مبدأ «السلطة لنا، فزنا في الانتخابات أم خسرناها».. فيما الطرشان، حتى، بدأوا يسمعون دويّ العاقبة.. وما أدراك ما العاقبة.
استدراك:
«اذا كذبت العنزةُ، فان قرنيها لا يكذبان».
مثلٌ بلغاري