علي حسين
المواطن العراقي المسكين يجد نفسه كل يوم محاصرا بأخبار الصراع على السلطة، وبنادق نوري المالكي، ونصيحة أياد علاوي في الإعادة إفادة، وخطب عمار الحكيم التي قطعت أوصال بغداد، وتظاهرات التيار الصدري، وخوف محمد الحلبوسي على قنفات مجلس النواب،
هذا المواطن للاسف صدق أكذوبة أن أشخاصاً خدموا في بلاط الطائفية منذ عام 2003، يستطيعون أن يقدموا له نظاماً سياسياً معافى يكون شعاره الوطن للجميع، وعاش سنوات دور المخدوع، الذي أدمن على متابعة تغريدات عالية نصيف التي بشرتنا فيها بأن ننام ملء جفوننا عن شواردها، ما دام السيد المالكي حارساً أمينا على راحتنا ومستقبلنا، مع الاعتذار لعمنا المتنبي الذي دائماً ما أحشره مع قامات "ديمقراطية" من عينة حنان الفتلاوي وخميس الخنجر والعلامة عزة الشابندر.
تسعة عشر عاماً لم نسمع خلالها سوى بيانات ومؤتمرات تطالب بدولة المواطنة وتشتم الطائفيين، وكلما أمعنوا في الكلام عن دولة العدالة الاجتماعية والمساواة التي سيعيشها الناس على أيديهم، كانت المصائب والمآسي تصب على رؤوس العراقيين، لنصحو جميعاً على دولة يعيث فيها الخراب.
من ينسى صراخ النجيفي وهو يحذرنا من النزعات الطائفية الضيقة؟، ولعل كلمات همام حمودي عن الديمقراطية ونعيمها لا يزال صداها يتردد في الفضاء .. اليوم تثبت الوقائع أن النجيفي كان يضحك علينا، وأن جماعة همام حمودي هدفهم الدفاع عن الكرسي فقط .
وسيسأل سائل، ما الضير أن تدافع أحزاب وتتحالف تيارات عن حقها الذي كفلته لها صناديق الانتخابات؟ أليست هذه الديمقراطية التي تتحدثون بها وتكتبون عنها؟، وسأقول إن كل ممارسة سياسية سلمية أمر مرحب به ما دامت لا تستخدم العنف والكذب والخديعة طريقاً للحكم، لكن المطلوب أولاً، وثانياً، وثالثاً، والى ما لانهاية ، أن تُبنى هذه التكتلات على أرضية وطنية خالصة، لا على برلمان طائفي فقد اهميته وأوامر من وراء الحدود.
لقد ظل سياسيونا مصرين على اعتقال إرادة العراقيين داخل أسوار الطائفية والإحساس بالخطر من الآخر، وافتعلوا أزمات سياسية محبوكة، بالتوازي مع إشاعة أفلام الرعب من الخطر الخارجي الذي يحيق بأبناء الطائفة، مراهنين على أن المواطن سيلغي عقله، وينصرف تماماً إلى البحث عن غطاء طائفي يحميه من غدر الآخرين.
هل ان الذين يتحكمون في رقاب البلاد والعباد لا يدركون ان بياناتهم وخطاباتهم ، تساهم في إضفاء العبث على عملية سياسية عبثية ومنتهية الصلاحية ؟ .
كل معطيات المشهد اليوم في العراق تقول إننا لا نعيش في دولة تحترم الديمقراطية وتبادل السلطة ، وأن البيانات التي تخرج ، لا هي سياسية ، ولا هي من اجل بناء البلد ، بل احاديث متناقضة عن طريقة توزيع الغنائم .