TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دماء منسية!!

العمود الثامن: دماء منسية!!

نشر في: 1 أغسطس, 2022: 11:23 م

 علي حسين

أرجوك عزيزي القارئ أن تحسب معي كم مرة ردد فيها ساستنا عبارة " حرمة الدم العراقي" وأضيف لها "الدم الشيعي حرام" فيما شدد البعض على ضرورة أن يتم الحفاظ على المتظاهرين..

وأتمنى أن لا يأخذك الظن بعيداً وتعتقد أن الحديث يتعلق بمتظاهري تشرين في بغداد والناصرية والبصرة والحلة والنجف وكربلاء.. وإنما، ياسادة، الحديث يتعلق بالتظاهرات الأخيرة.. وأتمنى عليك أيضا أن تعرف أن جنابي ليس ضد التظاهر والاعتصام، فهذا حق يمارسه كل عراقي يجد أن الديمقراطية التي تمنى لها أن تنمو نمواً صحياً، تحولت إلى ملعب للمناكفات والصفقات.

عجيبة أمور هذه البلاد التي يتحول فيها السياسي إلى مقاول ومحرض وفيلسوف في نفس الوقت، ففي لفتة كوميدية اكتشفنا أن النائبة عالية نصيف تريد أن تنافس الفيلسوف الألماني المرحوم هيغل. ففي تغريدة خفيفة ولطيفة كتبت فيلسوفة دولة القانون: "ما نحتاجه اليوم هو رئيس وزراء جدلي وليس حباب، وأن يكون صاحب قرار وشجاع، ويجب أن يكون عارفاً لقيمة المكون الذي خرج منه، وأن لا ينظر نظرة دونية للمكون الشيعي".

ثم تتوقف عالية نصيف قليلاً لتخبرنا من هو رئيس الوزراء الذي سيدافع عن المكون.. والمشكلة أنها لم تسأل نفسها، وماذا عن مكون كبير اسمه العراق، من سيهتم بأمره؟

إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من فيلسوفة دولة القانون، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجاً، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حامياً لفساده، مترفّقاً بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة العراقية في السرّاء والضرّاء.

من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حيّة وفاعلة للتغيير، في الوقت الذي لا تزال مدن العراق تعيش اوضاعا مأساوية ، إلا أن مجلس النواب يرفع شعار لا أسمع، لا أرى .

اليوم لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين كباراً وصغاراً، لكنّ معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علناً بفسادهم.

والآن دعونا نتساءل: هل من أجل تغريدات عالية نصيف طالب العراقيون بالتغيير؟ أو من أجل ساسة ومسؤولين يحرصون على المنصب أكثر من حرصهم على دماء العراقيين ابتهج أهالي البصرة والأنبار والموصل وبغداد وميسان وذي قار بانتهاء هيمنة الزعيم الأوحد ليجدوا أنفسهم محاصرين "بتقلبات" حنان الفتلاوي وصولة مشعان الجبوري ومذكرات إبراهيم الجعفري عن الزهايمر؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram