محمد حمدي
يطفو ملف خليجي البصرة 25 على السطح بقوّة هذه الأيام ويرتبط ارتباطاً وثيقاً مع المتغيّرات السياسيّة المتسارعة على الساحة بطريقة مُريبة تُنذر بمستقبل مجهول للبطولة التي جرى الإعداد لاستضافتها قبل أكثر من عقد كامل من الزمن .
ولا أعتقد أن ثمّة بطولة رياضية بسيطة في العالم حفلت بما شهدته بطولة خليجي 25 في البصرة المزمع انطلاقها مطلع العام المقبل، مع أن عمر ومحاولات التقدّم باستضافتها قد سبقت الرقم 25 بمراحل منذ ثلاثة عشر عاماً، شهدت احداثاً واعذاراً أغرب من يصدّقها العقل، لتتوالى الموافقات الأصولية ومن ثم نقل البطولة في الوقت بدل الضائع حتى اعتاد جمهورنا الرياضي على أن البطولة تسوّق إعلانياً فقط وتنتهي بسيناريو متشابه نسخة بعد أخرى.
واليوم مع وصولنا الى الحسم النهائي بتضييف البصرة للبطولة المقبلة، وموافقة لجنة التفتيش الهندسية واتحاد دول الخليج العربي على ملف الإعمار والبنى التحتيّة وتجهيز المدينة للبطولة بشروط مُعلّقة منها إكمال ملعب الميناء الأولمبي مع بعض التفاصيل التي تخصّ المطار والطرق والفنادق والتي تبدو بمتناول اليد حالياً، يظهر أن الأمور تسير الى خاتمة مقبولة قبل أن تتفجّر الأزمة داخلياً هذه المرّة برفض نواب البصرة قرار مجلس الوزراء القاضي بتخصيص أموال البترودولار إلى بطولة خليجي 25، مشدّدين على ضرورة تخصيص أموال من الموازنة الاتحادية لتلك البطولة سيما وأن الدولة لديها فائض من الأموال ما يكفي لتنظيم ذلك الحدث الرياضي.
الغريب في الأمر أن قرار صرفيات تنظيم بطولة خليجي 25 في محافظة البصرة، خصّص كل الأموال اللازمة للبطولة من الواردات المالية للبصرة، مع أن المحافظة وضعها خاص وتعاني من مشاكل كثيرة منها مشاكل قطاع الكهرباء والماء وارتفاع التراكيز الملحية وبحاجة إلى مشاريع تحلية، وهذه الأموال مخصّصة لتطوير البصرة وإدامة المشاريع الخدمية، فبدلاً من أن نجد الحلول لتلك المشاكل من خلال الأموال المخصّصة من الموازنة العامة (سواء تنمية الأقاليم أو البترودولار) جرى تخصيصها لبطولة خليجي 25، في واقع الأمر يبدو الاعتراض وجيهاً ومثيراً في ذات الوقت لأن البطولة تخصّ العراق واسم العراق وليس البصرة بمفردها وكان على مجلس الوزراء ووزارة الشباب والرياضة التعامل مع الملف باحترافية دون المساس بما هو متعلّق بالبصرة خدمياً وهو أمر في غاية السهولة باللجوء الى المناقلة أو اسناد التنظيم بطرق أخرى متوافرة لن تكون مستحيلة بطبيعة الحال ولكنها بالتأكيد لن تكون استفزازية مطلقاً .
شخصياً لا أخشى على البطولة من توافر الأموال والعائدات الربحية في ارباك التنظيم أو فتح ملف جديد نحن في غنى عنه، ولكن كل الخشية تتمحور حول الروتين واللجان الحكومية التي تتعامل بمعادلة (كتابنا وكتابكم) لأمن افتتاح الملعب وحفل التنظيم الى توفير وقود المولّدات الخاصّة بالمجمّع الرياضي وهو أكبر عائق حقيقي يقف حجر عثرة في وجه انجاح البطولة وهو من أهم الملفات التي يجب التوقّف عندها كثيراً وحسمها.
وهناك أمر آخر يجب أن يعلمه الجميع، ولا يمكن تغافله اطلاقاً هو أن للبطولة عائدات مالية كبيرة ومناسبة للدعم اللوجستي للبطولة كان من الممكن الاعتماد عليه أو على العطاءات المقدّمة من الشركات الراعية والنقل التلفازي، لذلك كلّه أعتقد جازماً أن الحكومة ووزير الشباب والرياضة قد اخفقا في إعلان التخصيصات الخاصة بتنظيم البطولة ووضعا نفسيهما بموقف حرج قد يطيح بتنظيم البطولة داخلياً هذه المرّة إذا ما صحّح مسار الصرفيات التي تخصّ البطولة سيما وأننا بدأنا فعلاً بخسارة الوقت المتبقّي، ويجب أن تعمل خلية التنظيم والإعداد والمتابعة مبكّراً وتحسم الجدل بما لا يصحّ طرحه في هذا الوقت بالذات ونتج بطولة خليجي 25 متميّزة جماهيرية وليست بطولة عسيرة تولد بشقّ الأنفس!