علي حسين
يتبارى العديد من الذين يظهرون على شاشات الفضائيات العراقية ، في اشاعة الفوضى والخوف في نفوس الناس وتحذيرهم من الصراع الشيعي – الشيعي على حد قولهم ، طبعا اضيف لهم العديد من النواب ممن يحذرون هذا الشعب إذا ما قرر يوما التخلي عنهم ،
وانا استمع الى " تخريفات " المحللين واقرأ ما يكتبه بعض النواب الذين اصيبوا بحالة من الهستريا خوفا من فقدان كرسي البرلمان ، تذكرت الشيخ محمد رضا الشبيبي وسيرته التي لم تكن مجرد سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، بل كتابا غنياً لحقبة من الزمن الجميل، كان الشبيبي يريد دولة تقوم على العقل والأخلاق السياسية وكرامة الإنسان، كان ذلك جيل الاجتهاد والبناء الخوف من محاسبة الضمير، جيل آمن بأن العراق لوحة كريستال جميلة، إذا فقد جزءا منه فقد مبررات وجوده وتناثر.
عندما عُيّن وزيراً للمعارف عام 1924 سعى لافتتاح العديد من مدارس الفتيات ، فيما كان يصر على اشاعة العلم ومحاربة الخرافة ، وعلى الرغم من إجلاله للدين النابع نشأته نشأة دينية فأنه كثيراً ما كان يهاجم رجال الدين عندما كان يجدهم قد تحولوا حجر عثرة في سبيل التقدم ، وكان يصر على أن الدين " عن وصمة التفريق معصوم " .
اليوم نرى كم هي المسافة بعيدة بين سياسي بحجم الشبيبي، وساسة لا حجم ولا طعم لهم. يكتب طه حسين في رثاء صديقه الشبيبي "كان أشد الناس انصرافاً للقراءة والبحث والتفكير.. ورغم هذا كان صاحب خيال، ومن شأن الخيال أن يصعد بصاحبه السماء بجناحيه فاجتمعت به الخصلتان الفكر والخيال وهذه ميزة الفلاسفة وميزة العلماء"، ونحن نقرأ سيرة الشبيبي اليوم نجد من الصعب أن نحدد إذا كان الشبيبي النائب يتصرف داخل البرلمان باعتباره ينتمي إلى الطائفة الشيعية، أم إلى حزب بعينه.. يبدو ذلك مستحيلاً، بل من المحظورات أن تجد رجلاً بحجم الشبيبي يتحدث بالطائفة والعشيرة والمكون.. لا يمكن أن يحسب السياسي على طائفته إلا في زمن أمراء الطوائف ومراهقي السياسة.. زمن أصبح فيه كل شيء سهلاً، المال العام أصبح خاصاً، والمنصب لا يُسعى إليه من خلال الاجتهاد والعمل والخبرة بل الوسيلة إليه هي التزوير والانتهازية والمحسوبية.. اختلفت القواعد وانقلب الأمر.. ونسي الذين جاؤوا برعاية الأمريكان أنهم أشعلوا الحرب بحجة الدفاع عن مصالح العراقيين وبناء مجتمع آمن مطمئن شعاره العدالة الاجتماعية يديره أكفاء، أين الأكفاء اليوم؟.. وأين هي شعارات التغيير التي رُميت في أول سباق للحصول على المناصب والغنائم
وفي الوقت الذي رحل فيه العلامة الشبيبي الوزير والنائب عن عالمنا عام 1965 وكان بيته مرهوناً يوم وفاته بمبلغ ثلاثة آلاف دينار. نجد ان نواب لم يبلغوا " سن العقل " يتحكمون بثروات العراق .