إياد الصالحي
لم تعد هناك أيّة قيمة لدور الإعلام المهني الناضج، والشريك الحقيقي للرياضة الطامحة للتغيير، في ظلّ بروز ظاهرة الإعلام المناوئ أغلب الوقت، حتى لو تغيّرت الأمكنة، وتبدّلت الظروف، يبقى يمارس دور المُخرِّب لمبادئ المهنة بدراية تامّة عن خطورة ما يُحدثه من تهديد مباشر للحركة الأولمبية في العراق بألعابها وأبطالها وحتى تاريخها.
ترى من يقف وراء الإعلام المناوئ، ومن علّمه سوء استخدام فوّهة القلم لجرح الرياضي بدلاً من تضمين النصيحة له وتشجيعه على تفادي الخطأ؟ كيف استسهلّ استخدام الكاميرا لتشويه الحقائق وتأليب الجمهور ليُسقط الثقة عن فلان وعلان، وما مصلحة البعض في الإمعان بالنقد السلبي ضد شخص بعينه في كلّ لقاء وأي منشور؟ وما سرّ انقلاب السلوك من الإخاء إلى العداء حسب مقتضيات المواقف التي تُفسِّر ردود فعلها وفقاً للبُعد أو القُرب من المسؤول ومدى اهتمامه أو تجاهله؟!
الكلّ يُنادي ويستغيث "لا رياضة اليوم" فقط مُحاكمات لمُتّهمين بعضهم بلا أدلّة، وشهود يمارس بعضهم الانتقام بلؤمٍ مستغلاً تردّده شبه اليومي على أستوديو زميله الراغب بإثارة الجمهور ليس إلا! وذاك يقتنص زلّة مسؤول في أية قضية، وليتهُ ينتقد بما يعرف من حقيقة ما جرى، وتراه ينتهزها فرصة لإثبات أن حملته الانتقامية منه ومطالبته بالاستقالة كانت على صواب!
أين حقوق الرياضة من أندية واتحادات وأبطال وفرق وأنشطة محلّية وعربيّة وقاريّة ودوليّة من حصّة الإعلام اليومية الموجّهة لاستدراج المتأزّمين في علاقاتهم داخل مؤسّساتهم، والمتضرّرين من فقدان فرص العمل، والساعين لإظهار قدراتهم الفذّة في التنظير لاصطحاب أحّد الأبطال إلى منصّات الأولمبياد واستعادة حلم الميدالية الثانية وعندما تسنح له الفرصة عملياً يُعلّق فشله على حبال صعوبة التحضير وفارق الأمكانيات! والشيء بالشيء يُذكر ما أنفكَّ أحّد المدربين من مطالبة رئيس اتحاده ولجنته التنفيذية أن يعْدِل بتسمية المهام الوطنية، ولم يترك وسيلة إعلامية إلا وهاجمه فيها، لكن ما أن أدرك حجمه الحقيقي في المنافسة وتعثّر بنتائج مُخيّبة سارع بإلقاء اللوم على الاتحاد بتشجيع من الإعلام أيضاً برغم يقين الأخير أنه لا يستحقّ حتى فرصة الإطلالة على الجمهور!
البعض مستعدّ أن يحرق سُمعة البلد أمام ملايين المشاهدين الخليجيين بتقزيم شخص مسؤول لم يكن موفّقاً في تعبيره إبداء الحرص على سلامة ضيوف العراق، ولم يأبه البعض من تبعات نزع الثقة عن إمكانية نجاح بلدنا في جمع الأشقاء ببطولة تمتدّ لأسبوعين من خلال الإلحاح اليومي على الخطأ كأنه يتفاخر بصراحته كي يُنبّه آخر خليجي غافل عن الموضوع بعدم الحضور! بدلاً من أن يتنقّل بكاميرة مراسله في أرجاء ملاعب البطولة ويردَّ على المسؤول بلقطات مباشرة من أرض السلام!
سياسة الإعلام الجديد ليس لها أي ضابط لا نقابي ولا اتحادي، فهاتان المؤسّستان اللتان تهمّهما سُمعة الإعلام العراقي في قطّاع الرياضة، هل ألزمتا المُنتمين اليهما بضوابط ومعايير ومحاذير تمنع المخترقين من ممارسة المهنة وتسحب منهم البطاقات الرسمية الخاصة بهما؟ ألا يتفرّج مسؤولوها على البرامج وما تؤول اليه محاورها من مشكلات متفاقمة تتجاوز الخطوط الحُمر وتضرب في صميم العلاقات الشخصية الى حدّ إهانة المسؤول بنقدٍ لا تسمح به أطر حرية التعبير لمواطنين بسطاء فما بالنا بإعلاميين وضيوف ينسى بعضهم قواعد الحوار اللائق بالأسلوب وتعبيرات الوجه التي توجب احترام المُشاهد قبل من تعنيه الحلقة سواء كمؤسسة أم شخص مُقصّر في واجبه!
وبرغم ذلك، نتوسّم الخير كلّه في مجموعة من الإعلاميين الشباب الذين يؤدّون رسالة المهنة بشجاعة وأدب، وحرص كبير على النجاح في كلّ مفصل مرتبط بعملهم، فأوّل ما يُردّده الوسط الرياضي بحقّهم أنهم بمُنتهى الالتزام والاحترام لأنفسهم، ويتجنّبون إثارة المشاكل أو إشعال صفحات مواقعهم بالمُشاتمة كما فعل غيرهم التي أساءت "إعتبارياً" لاصحاب السُلطة الرابعة، وحوّلتهم من شُركاء إلى غُرماء الرياضة!