محمد حمدي
يدرك جميع أبناء وطننا ما للموازنة العامة للبلد من آثار كبيرة على الحياة بجميع مسمّياتها الاقتصادية والاجتماعية ودوران عجلتها قُدماً، وعدم تواجدها يعني تعطّل أسباب الحياة والتطوّر وكل ما يرتبط بالمادّة ومسمّياتها،
إن تأخّر إقرار قانون الموازنة لعام 2022، يجعل الشعب ومؤسّساته يكتوي بنيران الصبر ويضع المسؤولين أمام خيارين لمواجهة مشكلة تأخّر الموازنة، تفرض عليهم أوّلاً الانصياع لعمليّات الصرف الحاليّة وتقوم على أساس 1/ 12 من مصروفات السنة الماضية، والآخر هو تعطيل ما يُمكن تعطيله من مشاريع وإيقاف العمل بها اضطرارياً .
بهذه الحالة أوجدت عمليّات الصرف عذراً شرعيّاً لمن هو على استحقاق ويعمل بجد أو الصنف الآخر الذي اسعدته الإجراءات إن "قانون الإدارة المالية يقوم على أساس تسديد الإلتزامات والنفقات والرواتب ولا يتضمّن عمليّات الصرف على المشاريع والبرامج الجديدة.
وبقدر تعلّق الأمر بالرياضة والرياضيين، ولكي لا نتشعّب صعوداً ونزولاً في مناقشة قضايا اقتصادية مُعقّدة سنتحدّد بالرياضة وعالمها الفسيح لدينا الذي تأثر هو الآخر بالموازنة وتبعاتها الكثيرة، فمن بين أكثر الأعذار مشروعية وتغطية على عمليّات مُريبة ربما لا دخل لها بالموازنة كونها تعود الى زمن سابق يتجاوز العقد كما في ملاعب ومنشآت وزارة الشباب والرياضة الكثيرة المُعطّلة كملاعب الناصرية وبابل والديوانية وديالى وقاعة أرينا وغيرها من المنشآت التي علق العمل بها الى ما لا يعرف زمنه بذريعة الموازنة وعدم وجود أموال كافية لتسديد انفاق البناء للشركات المنفذة، وتوقّف معها بذات عُذر تجديد منشآت أخرى وإعادة إعمارها، فضلاً عن توقّف العمل بنسبة كبيرة في برامج الموهبة ومراكز التطوير والخطط والأنشطة المُتعلّقة بها.
وفي الجانب الآخر توقّفت الاتحادات الرياضية عن العمل سوى بنسبة ضئيلة تؤكّد استمرارها وتواجدها ومشاركتها في البطولات الخارجية بشقّ الأنفس لذات السبب يُصاحبها تأجيل البطولات والمعسكرات المحليّة وإيقاف تخصيصات المدرّبين واللاعبين والإداريين، وأصبح عذر الموازنة والدعم المادي ذريعة جاهزة لأعذار الفاشلين والعاجزين الى درجة كبيرة ليستفادوا من مساحة المشروعية فيه فتكون المشاركات وهميّة في الخارج وتنفّذ تحت أي مسمّى طالما غاب عنهم وعن رفقتهم الموفد الإعلامي لاتحاد الصحافة الرياضية تحت نفس العذر والذريعة وتقلّصت النفقات المركزية لهم بنسبة كبيرة.
مع كلّ ما تقدّم لم نجد مبادرة حقيقيّة من أية مؤسّسة رياضية صغيرة كانت أم كبيرة اتحاد أم نادٍ رياضي بسيط يعمد الى البدائل العملية في الاستثمار والاعتماد على الذات في تمويل الخطط والبرامج، بل العكس هو الصحيح فقد شمّر مسؤولو هذه الاتحادات والأندية عن سواعدهم وأبدعوا في اجتلاب الأموال الخاصّة بالسفر وغيره باعتماد منظومة العلاقات والتواصل مع المسؤولين بإنفراد وتحت مختلف المسمّيات في الحصول على أجرة الطيران والتذاكر والمعسكرات واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الرياضية في الفضائيّات أسوأ استغلال للوصول الى الأهداف النفعيّة على حساب تطوير منظومتهم الرياضية، وما تتعرّض له من تقليص، ولو تقصّينا عن أسباب النزاعات والخلافات داخل الاتحادات والأندية وغيرها فلن نجد أبعد من هذه الأسباب وأبواب العلاقات الخاصة سبباً في تردّي الاوضاع ووصولها الى الدرك الأسفل وفقدانها لهويّتها الرياضية الوطنية.
إزاء ذلك كلّه، فقدتْ المؤسّسات المركزية هامشاً كبيراً من سيطرتها الرقابيّة أو التي تختصُّ بالمتابعة بانتظار أن يظهر يوم إعلان إقرار الموازنة بكلّ ما تحملهُ من طاقة انفجاريّة كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار النفط، وربّما عادتْ بعدها الأمور الى نصابها وتتمكّن مؤسّساتنا من الوقوف على حالات الاخفاق والضعف وعلاج هذا الخلل والواضح!