علي حسين
لا يعلم أحد على وجه الدقة إلى أين تسير الأمور في هذه البلاد.. لكن المعلوم والمؤكد أن المواطن العراقي يجد أن لعبة الانتخابات أصبحت لعبة بلا لون ولاطعم ولا رائحة.
منذ سنوات ونحن نواجه المصائب بصمت.. غرق أكثر من ألف مواطن في كارثة جسر الصرافية بلعهم دجلة، وظلت الجنازات تدور في شوارع العراق حاملة جثامين شباب توهموا أن المسؤول الأول سيفتح لهم أذرعه، فإذا به يفتح عليهم أبواب الموت، ويمنحهم بدلاً من الأمل بالمستقبل، قنابل غاز منتهية الصلاحية ورصاصات في الرأس، وشتائم برع بها الفريق المتقاعد عبد الكريم خلف.
في كل كارثة تبدأ بيانات الشجب والاستنكار، وخطابات معارك المصير، والنتيجة النهائية أن المسؤول عن الكارثة يحال على التقاعد مع راتب دسم، تسرق المليارات ونجد السارق يظهر على الفضائيات يلقي دروساً في الاقتصاد والتنمية، ثم يصبح نائباً أو وزيراً.. أين ذهب التحقيق في كارثة الموصل؟، وماذا عن المغيبين الذين لا يعرف أحد مصيرهم، ولا تزال عوائلهم تطرق أبواب المسؤولين؟ ولو أحصينا الحوادث والكوارث التي تعرّض لها العراقيون خلال التسعة عشر عاماً الماضية سنكون أمام ما هو أهم من الخوف على سمعة القضاء .الكل يتفرج، ولم نسمع يوماً أن هناك منصباً لمدعي عام يقرر أن يهبط من عليائه ويذهب إلى الأماكن التي حدثت بها المآسي، هل شاهد أحد منكم احد القضاة يذهب إلى المكان الذي حدثت فيه كارثة قطارة الإمام علي؟.. هل وجود قاضي تحقيق في مكان الكارثة يسقط هيبة الادعاء العام ؟ ولكن الهيبة تهتز وتتأثر نتيجة المشهد المؤسف الذي نجد فيه القاتل ينجو من الحساب، مثلما أفلت مئات المسؤولين من قبضة العدالة بعد أن نهبوا ثروات البلاد.
وإذا كانت أرواح ضحايا قطارة الإمام علي لم تهدأ منذ كارثة السبت الماضي، ولم يشفِ القضاء غليل أهاليهم، والجاني معروف، فإن المواطن المغلوب على أمره مثل "جنابي" يحق له أن يسأل متى يطمئن العراقيون على حياتهم ومستقبلهم، في وقت يصرّ فيه ساستنا الأشاوس على أن يمضوا بنا فى بحر هائج تتصارع فيه المصالح وحيتان الفساد؟، فيما المواطن المسكين حائر تتخبط به الأمواج والخطب والشعارات، بينما لا شاطئ هناك ولا ضوء بعيد تهتدي به وإليه، باستثناء عودة الزعيمة حنان الفتلاوي الى ساحة المعركة .
كانت أحلام المواطن العراقي غاية في البساطة. بدل أن ينتظر الحصة التموينية خطر له أنّ الديمقراطية الجديدة ستجعل منه مالكاً وشريكاً لثروات البلاد، لكن بدل أن ترتبط حياة الناس بالصدق والعدالة الاجتماعية والامان والنزاهة ، ربطت بحجم المنافع ومشاريع تقسيم البلاد طائفياً.
عندما تدفن الناس تحت الأنقاض ويفلت المتسبب من الحساب ، عندها يحق للمواطن ان يقول ( لا ) بأعلى صوته .
جميع التعليقات 1
صباح نوري
رحم الله عزيز علي حين غنى ( كلها منه )