عبد المنعم الأعسم
تحالف الاطار التنسيقي يجلس على كرسي هزاز، فلا يركّز كثيرا، وبما يلزم، على الفكرة التي يدافع عنها، او التي يعترض عليها، طالما هناك شاشات ملونة تروّج للفكرة، ولنقيضها،
في ذات الوقت الذي لايزال الناس فيه احياء، ولا تفوتهم فائتة، وهو يفترض ان النصر يتمثل في ما يقوله هو، وليس في ما هو على ارض الواقع، كتحالف هزمته تجربة الحكم، ثم آخر انتخابات، ثم مآزق تشكيل الحكومة، وفي النهاية لم يستطع تعطيل استياء الشارع حيال منظومة الفساد وتردي العيش وعربدة السلاح المنفلت عندما كان ثلثاً معطلاً، ولم يتمكن من الامساك بمعادلات الفرصة الذهبية لتشكيل الحكومة عندما اصبح اكثرية بثلثين، وفي الحالتين جلس الاطار كمن يجلس على الكرسي الهزاز: كل شيء يهتز.
نعرف جميعا ان الاطار التنسيقي طعن في نتائج الانتخابات الاخيرة، واعتبر تلك النتائج مزورة وغير شرعية، وان ما يتأسس عليها غير شرعي، ثم بعد ستة اشهر يسيّر التظاهرات وينظم الاعتصامات دفاعا عن الشرعية وعن المؤسسات المنبثقة عن تلك الانتخابات "غير الشرعية" وبين يدي المتابعين وارشيف الوكالات كثرة من التصريحات النارية لقادة واتباع التحالف تطالب باسقاط نتائج الانتخابات وما يترتب عليها، وتذهب الى ابعد من ذلك في اصرارها على ان ثمة مؤامرة خلف النتائج "المزورة" داخلية (من الحلبوسي الى اربيل) واقليمية (السعودية والامارات) ودولية وتطبيعية (امريكا واسرائيل وبريطانيا..) مع تأكيد الزعم (والقسَم باغلظ الايمان) ان لدى الاطار التنسيقي وثائق كثيرة (ولا تقبل الشك مطلقاً)عن تلك المؤامرة وابطالها، وسيتم الكشف عنها لاحقا.
ومع اهتزاز الكرسي ودوران الحظوظ اصبح اللاشرعي فجأة شرعيا، والمتآمر المحلي، الشرير، صديقا وشريكا وموضع ثقة، اما التطبيعي الدولي والاقليمي الغاشم، فقد صار مرضياً عنه، ومطلوب رضاه ومساعدته، لكن الكرسي الهزاز يحتاج الى تزييت ماكنته دائما، ولا يستغني عن ابتداع "عدو" يتسلى بشتمه، ويشن الحروب الماحقة عليه، فوجد في "الفتنة" فزاعة لاثارة ذعر الانصار، وقابلة لتتطور في فترة اخرى، الى اتهام من يقع حظه العاثر في طريق السلطة التي يحلم الاطار بها بشبهة اثارة الفتنة.
للعلم، انه بعد تجربة مديدة اكتشف صناع الكراسي حاجة الطغاة الى الاسترخاء الى الوراء فاخترعوا “الكرسي الهزاز” الذي يضمن لصاحبه كفاية من الراحة، والمناورة، ولطالما نام السلاطين على تلك الكراسي، وخلدوا الى الراحة عليه من عناء الحكم وقطع الرقاب، وبعضهم كان يصدر قراراته الخطيرة والمصيرية من عليها، وفي عهود لاحقة روّج بعض السلاطين القول إن هذا الكرسي الذي يجلس عليه انما هو "موضع قدم الرب" لكن المؤرخ الشهرستاني قال ان العرب اهدرت من الدماء في التطاحن على الكرسي اكثر من الدماء التي سفحوها في حروبهم لنشر العقيدة..
وقد فاتني القول بان اقدم انواع الكراسي التي اخترعت لأصحاب السلطة والمقام كانت معلقة بحبال، ومن غير مسند، وذلك ليسهل الدوران من عليها.. واللعب على الحبال.
استدراك:
"أحلام الحقد تلد وحوشاً"
غويا