TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: صباح الخير يا بغداد

العمود الثامن: صباح الخير يا بغداد

نشر في: 30 أغسطس, 2022: 11:20 م

 علي حسين

سلاماً يا بغداد، أيتها المدينة المغلوبة على أمرها، المخدوعة حين اعتقدت أنّ حكّامها سينظرون إليها باعتبارها سيدة المدن، فيما هم مصرّون على أن تعيش جارية في بلاط دول الجوار!

سلاماً يا أم العراقيين وأنت تعيشين في ظل أشباه ساسة يجعلون من الحق جريمة، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع، وتحالف ضد الوطن والمواطن.

سلاماً أيتها المدينة يا شبيهتنا في الألم، اليوم أنتِ وأبناؤك وجوهكم شاحبة ومتعبة، مسكونة بتجاعيد الخوف من المستقبل، والسبب سياسيّو الصدفة الذين سرقوا أحلامك وأحلامنا، وجعلوا منك رهينة بيد مجموعة من الانتهازيين والمتسلّقين والقافزين فوق الكراسي بمنتهى الخفّة.

سلاماً يا أُم الحضارات فقد كنتِ مثلنا مخدوعة حين تصورت أنّ الديمقراطية ستقدّم إليك ساسة يبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر من إبداعهم في فنون السرقة واللعب على الحبال، كنتِ مثلنا مخدوعة حين اعتقدتِ أنّ الذين جاءوا باسم المحرومين والمظلومين لن يتحوّلوا بين ليلة وضحاها إلى أغنى الأغنياء، صَدَّعوا رؤوسنا بخطب عن دولة العدل فيما هم ينتهكون العدالة كل صباح.

سلاماً يا بغداد وأنتِ تبتسمين لأبنائك وهم يخرجون إلى الحياة برغم كل المصائب مصرّين على القفز إلى المستقبل وليس إلى الموت.

سلاماً يا مدينتي وأنتِ تتّشحين بالسواد والصمت، لكنك ترفضين أن تنزلقي نحو عصور الظلام والعتمة! وتصرّين على أن تتنافس فيك الأحلام والآمال.

سلاماً يا أم العراق وأنتِ تعبقين بألوان جواد سليم وعطا صبري وفرج عبو وفائق حسن وفتاح الترك، سلاماً يا مدينةً بألوان من قوس قزح، تجوّل في شوارعها علي الوردي وحملت على أكتاف أبنائها الجواهري وصفقت طرباً مع ناظم الغزالي، وسهرت مع ضحكات عفيفة اسكندر، وتألمت لفراق نازك الملائكة والسياب والبياتي، وعاشت السحر مع محمد غني حكمت، وصفقت طويلاً لإطلالة خليل شوقي.

سلاماً يا مدينتي فقد توحّدنا فيك، ذُبنا في شوارعك وحيطان بيوت الحيدرخانة والأعظمية والشعلة والكاظمية، فقد صرتِ اسمنا وعنواننا .

سلاماً يا مدينتي، ستنتصرين حتماً وننتصر معك على كل منتفعي السياسة وأمراء الحروب وجرذان الإرهاب وأصحاب فتوى التفرقة، لأننا مصرّون على أن نتقاسم معك رغيف الحياة والأمل.

سلاماً يا مدينتي وأنتِ تقدّمين كل يوم قرابين من أبنائك ضحيةً لعقول متحجّرة.

سلاماً يا بغداد، كلانا سينتصر في النهاية، فبغداد الكرملي وغائب طعمة فرمان والكاظمي والجادرجي وكوركيس عواد وسليمة مراد وساسون حسقيل وفائق حسن لن تتحول إلى إمارة من إمارات الظلام، وسنظلّ نغنّي مع القبانجي:‪

أبغداد لا أهوى سواك مدينةً

ومالي عن أُمّ العـــــــــراق بديلُ‪

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. منذر عبد الله

    بغداد ( مليحة عاشقاها السل و الجرب )

  2. نوزاد عبد الرحمن محمد صالح

    بغداد اسوء مدينة للعيش بالعالم وفق مؤشر ميرسر حول دودة العيش والمعيشة، هذا حصل بعد الاحتلال الامريكي 2003 ولحد الان

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram