TOP

جريدة المدى > عام > عاصم الامير ..شعرية شفاهية التخطيط

عاصم الامير ..شعرية شفاهية التخطيط

نشر في: 3 سبتمبر, 2022: 11:43 م

ناجح المعموري

بعد اثنا عشر كتاباً متنوعاً صدر خلال 2005-2021 ، صدر كتاب جديد للباحث والمؤرخ الأستاذ أحمد عبد الصاحب الناجي وكان اصداره الأخير مثيراً في عنونته “ الجدران مرايا الأزمنة “ وهو عبارة عن مقالات في الثقافة والأدب .

وما يثير في هذا الجهد ليس تنوع المقالات فقط ، بل صورة الغلاف المتناظر كثيراً مع العنونة ، حيث تميز الفنان المتميز د. عاصم الأمير برسم لوحة تخطيطية مثيرة وملفتة بما انطوت عليه من محفزات جاذبة عززت علاقة الفاحص لها بما انطوت عليه من مساحات صغيرة تعمقت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تخطيطاً تضمن سردية فاضت بدلالة شعرية ، تماهت مع عنونة الكتاب ، وتكاد تكون لوحة الغلاف التخطيطيطية ان تكون مرآة مختزلة لبعض ما تميز به الفنان الماهر عاصم الامير .

أستطيع التعبير عن رأي شخصي ثقافي / فني ونوع من التعرف على العناصر البنائية للوحة التخطيطية التي لا تقل امكانية في الاعلان والكشف والقول عن كل ما تفضح به وعن اللوحة التشكيلية . لذا أذهب للقول من أن السطوح الداخلية هيمنت على اشارات كثيرة التقطت التنوعات الحياتية التي لم يكن الكتاب معنياً بها ولكن أبرز الحضورات هي الانثربولوجيا وعلم الاجتماع ورسومات حازت على رمزيات كونت علامات ذات دلالة مفاهيمية وقيمية وأفكار ، هذا يعني بأن الفنان عاصم المير لم يكن عشوائياً في الخلق والتكوين والابتكار ، بل هو معني كلياً بكل ما حاز عليه التخطيط . وبودي لفت الانتباه الى المرونات التي انطوت عليها المساحات والمعبرة عن زخم الحياة وحركتها من خلال الرموز والدلالات ذات الأصل السومري والاكدي وكأنه يلتقط ذاكرة بدئية ، تعرفت على آلية التعرف على الحياة وتكشف اجمل ما فيها ومن تلك الرموز الطيريات ، والمثلثات المتراكمة تعبيراً عن التداخل الاتصالي اللذي بين العانات العاني الصاعد والعاني الداخل .

تتضح مهارة عاصم الفائقة بالطاقة المتبلورة بالرسم للخط الدقيقة وكانه قد تحكم بالمسافات التي يخلقها الفنان ويمنحها شعرية ولعل ما يثير الهوس في الابتكار وخصوصاً السمكيات وكأنها شفرات ايروتيكية عبر أجسادها وتزينات ابواب وشبابيك ، تعبيراً عن العين التي لا تترك ما تراه ، بل تختزنه بوصفه شيئاً حياتياً وتعيد التعامل معه باعتباره قيمة رمزية مشحونة بكشوف تتغير الدلالة فيها ، لحظة الانحراف في المعاينة . التنقيط هو ما يكرس الاندهاش ونحن نلاحق المربعات والمستطيلات وكأن عاصم يمنح جهده الابداع نوعاً من الذهول النفسي حتى يعقد علاقة مع الطبيعة والميتافيزيقيا الحاضرة والغائبة ونشوء تجذرات خاضعة لمعنى وخصوصاً السطوح الصغيرة الملحقة بعد المربعات الاولى والاخيرة . سطوح مستطيلة لا تتكتم على شعريات ما تدل عليه وتقول به ومنها الايروسيات المكرسة بالحروف النازعة للتنقيط مثل “ ب “ وصورة العين وبينهما شمس متعالية ومظلمة ، لكن امتداد الاشعة السابقة يملأ الفراغ من كل الجهات .

وانا لا اعني بالمساحة الفراغ ، بل هي الانبثاق الدلالي الجديد ، المتشكل من خلال خطوط خلقت رمزاً مجهولاً ، لكنه مشحون بالمعنى ويظل الفنان المخلق عاصم الامير مطارداً لكينونة الرمز ومانحاً له نوعاً من التوتر حتى يتمكن من اصطياد معنى المعنى وعاصم يعرف وهذا ما تلمسته بكتابه المعرفي ريادة او ريادات . بأن العلاقة لا تتعطل دلالاتها بل تظل راشحة كل ما هو جديد .

والفراغ شغلني كثيراً ، انه جزء من العالم ، يعطيه فضاء الشعر نوعاً من الروح العميقة . حتى الظلمة من خلال السواد تفيض بتعبيرات للمعاني التي بامكان المتلقي الفاحص ان يبتكرها . لان الوصول للعلاقة بين الرمزيات المتجاورة تمنح فرصاً للتآخي بين الحاضرات والمانحات .

سطح اللوحة التخطيطية سطوح كثيرة ، لكل منها حلم خاص ، هو مساكن الاعماق الخاصة بالكائن وهو الوحيد في اللوحة التخطيطية ، كائن جبار عيناه واسعتان ، هو يرى ما لا يستطيع عليه اخر . ومثل هذا الكائن له توليدات وكينونات ، الوجود مانح للشعرية حضورها . ولولا الشعر ما كانت الكينونة بيتاً للحلم او الاحلام والتخيلات ، والشعر مولود المخيال ، وتعود عليه ولم يقو على مفارقته ، حتى ارتضا البقاء ملتصقين للابد .

انا سعيد بالغرائبي في مشاغل عاصم ولديه ما هو اكثر منه في انجازاته التخطيطية ومنحني امتع الفرص لفحص كثير من التواءات الخطوط وتحديدات الانثى وتمركزات الجسد المدهش . ولوذ الشعرية حول الانثى وغيابات الدهشة المفضية للأسرار تعطي طوفان دلالي وشحنات غموض لا تتستر على الكامن ، بل تومئ اليه . وهذه وهي انموذج لتجربة عاصم الشفوية بالرسم / التخطيط المثيرة لي ومولدة اندهاشات غير مألوفة ، لكنها تثيرني وتمنحني كلاماً لها ، وما تمنح غير مكشوف ومفضوح ، بل هو متكتم ولغزي ، ومثل هذه الصفات نادراً ما يلتقطها الفاحص المهووس بالتخطيطات وهكذا انا اعيش بعد ان منحني عاصم الامير ما حفزني لاقتراح شفاهية التشكيل . وشفاهيات عاصم بالتخطيطات رحلة محتشدة بالرموز باعتبارها اللغة الاولى التي تحدث عنها هيغل ، وهي خاصية سومر البدئية .

ومثل هذه الرموز عصية احيانا وتفكك مغاليقها وتبدو غير التأويل العميق . لابد من قائ يمتلك عيناً فاحصة ومحللة ، قادرة على تجميع نبضات الرمز واعادة القراءة وحيازة التخليقات التي توصل لها عاصم الامير الذي يتمظهر لي وكأنه لاعب ماهر يستولي على فضاء واسع ، ويحوز كلية اللعب ، هو لاعب ، راكض ، هادئ ، متأن ، لا يتعثر ، لانه ملكيته تكون كائنات قال غادامير عنها عندما يستولدها الشعر هي فضاء الوجود والبقاء والحضور . مثل هذا اللاعب ــ انا اقترحت عليه ــ جعل من قارئه لاعباً يطوف ، وسط الفضاءات ، صاعداً ، منحرفاً باستقامة نحو اليمين / اليسار ، الصعود وبالجماعة ، الايماء نحو العمق / الاسفل وهو حاضن لبذرات الخصب وهكذا هي الحياة / الارض .

لا يمل من الخلق ، والابتكار ، والجميل في شفاهياته استولاد الخلايا الحية ، الكائنات ، هو لا يتنكر لفردية كانط ، لكنه مهووس لجماعية دوركايمر .

في شفاهية التخطيطة عدداً من الكائنات ، لكنها ملغزة بشعريتها الرمزية . لوحته هذه المتوترة بالشحنات هي شبكة من الشعر واللعب واجمل انواع . تخليق الكائنات ، وحتماً ــ كما رأيت ــ يتركها بعيدة عن التحديد . لأنه راغب ــ بلغزية الانثى وجسدها ، كي يختزن سلامها ، ويحافظ على امنها .

الخصوبة نظام مقدس ، لديه آلهة كثيرة ، ذكورية وانثوية واعظم الخصوبات المشبكة على الشعر هي الخصوبة السومرية التي افضت نحو كنعان وتباهت بيسوع المتعدد وسط مساحة المربع الذي صاغ عاصم فيه اكثر من صليب وتسميته بها تكفي بحيوية الرمزية الدالة على عظمة الاله الشاب وقد ارتضى ان يتجاور ــ هكذا قاده عاصم ــ مع النخلة المشتبكة مع سردياته التي انتهت بولاءة جديدة تجاورت على يمين النخلة . لذا استطيع رسم خارطة اللاعب وملتقط نظام الخصوبة .

1.المربع الاول ، فيه ثلاثة علامات مرمزة على يسوع .

2. تجاوز معه رمز النخلة ، الام التي صارت راعية .

3. وعلى حافة النخلة مولود صغير ، تعددت الرمزيات فيه وارتضت مجاورة ثلاث اربع مثلثات ، اعاد بها هندسية المربع والمستدعي للإله انكي وتواجد مع طائر وقف على حافة مربع اسود ، ليعطيه تناظر قوياً وعميقاً مع المربع القومي وشمسه المسودة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram