مخاوف من عمليات انتقام ضد أتباع الصدر وسط الهدنة
بغداد/ تميم الحسن
خَلْفَ الهدوء الحذر عقب اشتباكات الخضراء الاسبوع الماضي يُخَطَّطُ، بحسب تسريبات، لعمليات انتقام ضد اتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وتهدد حركات ميدانية وتصعيد الكتروني عبر حسابات مجهولة بخرق الهدنة بعد ايام فقط من اتفاق ضمني بين القوى السياسية على خفض التصعيد.
بالمقابل ان قمة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الثانية، والتي دعا اليها كل الاطراف المتنازعة مهددة هي الاخرى بالتأجيل او الالغاء.
يأتي ذلك في وقت اغضب فيه محمد الحلبوسي رئيس البرلمان فريق الإطار التنسيقي، بعد ان اشترط اعلان موعد لانتخابات مبكرة قبل اي حوار جديد.
بدوره تراجع ما يعرف بـ «وزير القائد» عن التصعيد الذي قاده الاخير عبر حساباته الالكترونية رغم تراجع خصوم التيار.
وفي اخر 48 ساعة لم «يغرد» وزير الصدر وهو صالح محمد العراقي، بعد تهديدات وجهها لزعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي، وطلب ابعاد فالح الفياض عن الحشد.
لكن اوساط التيار تتحدث لـ(المدى) عن «معلومات تشير الى احتمال تنفيذ عمليات انتقام من اتباع الصدر بسبب ما جرى في اشتباكات الخضراء».
الاوساط الصدرية تعتقد ان «حريقا وقع فجر يوم أمس في منطقة الشعلة، غربي العاصمة، كان متعمدا وحدث بقذيفة هاون».
وتمضي تلك الاوساط قائلة: «المجمع التجاري الذي احترق هو تابع لاحد الصدريين»، متوقعين ان ما جرى هو «عمل انتقامي».
وكان بيان أمس للدفاع المدني عقب اخماد النيران، أكد ان سبب الحادث هو بناء جزء من المجمع بمادة «السندويج بنل» القابلة للاشتعال.
ولم يذكر بيان الدفاع المدني سبب الحادث، وقال إنه «طلب فتح تحقيق واستدعاء خبير الأدلة الجنائية لرفع العينات وتحديد أسباب اندلاع الحريق».
وتعتقد اوساط التيار الصدري ان هذه الحوادث قد تتكرر «والاخطر هو ان يتحول الامر الى عمليات اغتيال فردية».
وكانت وثيقة أمنية سرية سُربت عن قيادة عمليات بغداد الجمعة الماضية، حذرت من عمليات اغتيال قد تطال بعض الاشخاص داخل العاصمة، من قبل «مجاميع مسلحة خارجة عن القانون».
وبحسب الوثيقة التي نقلتها وسائل إعلام، ستتم عمليات الاغتيال بواسطة «عجلات مظللة من دون لوحات مرورية ودراجات نارية».
ومقابل التخفيض الصدري، تداولت مواقع الكترونية قريبة من الإطار التنسيقي ما قالت انه تسريبات بين قيادات صدرية تنتقد زعيم التيار.
ونشرت تلك المواقع تسجيلا صوتيا منسوبا لأمين مجلس الوزراء القيادي الصدري حميد الغزي، والقيادي الآخر في التيار مصطفى اليعقوبي، اظهر انزعاجهما من قرارات الصدر الاخيرة حول ما جرى في احداث الخضراء.
وصعدت بالمقابل حسابات جديدة مجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي هجوما ضد التيار الصدري، كما برز حساب جديد تحت اسم «وزير الإطار» على غرار «وزير القائد».
وأصدر الوزير الاطاري الجديد، بياناً على طريقة صالح محمد العراقي، طالب فيه بابعاد سرايا السلام (الجناح العسكري للتيار الصدري) من منظمة الحشد.
وجاء كلام «وزير الإطار» ردا على مطالبات سابقة لوزير الصدر بابعاد فالح الفياض عن هيئة الحشد.
وكان قد جرى اتفاق غير معلن بين الاطراف السياسية على هدنة عقب احداث الخضراء الاسبوع الماضي، لحين انتهاء زيارة اربعينية الامام الحسين بعد منتصف ايلول الحالي.
وتطبيقا للتهدئة الجديدة قررت بعض الفصائل اغلاق مكاتبها عقب تهديدات «وزير القائد» واشتباكات محدود جرت نهاية الاسبوع الماضي في البصرة.
جولة حوار جديدة
وعلى الجانب السياسي فان مصادر سياسية تحدثت لـ(المدى) عن «وجود دعوات من رئيس الوزراء لعقد جولة مفاوضات جديدة اليوم الاثنين».
ويتوقع بحسب تلك المصادر، ان الحوار الجديد الذي يتم الحديث عنه، لن يشهد حضور التيار الصدري.
كما اشارت المصادر القريبة من نقاشات القوى السياسية الى انه «على الاغلب سيتم تأجيل الجلسة الجديدة للحوار الى ما بعد زيارة الاربعينية».
وكان التيار قد قاطع الجولة الاولى التي جرت الشهر الماضي، كما فشلت القوى السياسية في عقد لقاء اخر كان موعده قبل 5 ايام من دخول اتباع الصدر الى المنطقة الخضراء نهاية شهر آب.
وتأكيداً لدعوات الحوار، اشترط رئيس البرلمان محمد الحلبوسي 10 اشتراطات قبل حضور اللقاء الجديد تتضمن اختيار حكومة جديدة.
وكان الحلبوسي وائتلافه السني (السيادة) والحزب الديمقراطي الكردستاني، قد امتنعا في الجولة السابقة (التي لم تعقد) من الحضور بدون وجود ممثل عن التيار الصدري.
وهذه المرة يبدو ان الحلبوسي تخلى عن طلبه السابق، ودعا ضمن اشتراطاته الجديدة الى تحديد موعد للانتخابات النيابية المبكرة وانتخابات مجالس المحافظات في موعد أقصاه نهاية العام المقبل.
وهذا الطلب قد يثير غضب «الاطاريين» الذين يفضلون ترك هذه الامور الى مناقشات البرلمان الذي يتعثر في عقد جلساته رغم مرور ايام على انسحاب اتباع الصدر من المبنى.
كما طلب الحلبوسي انتخاب رئيس للجمهورية، واختيار حكومة كاملة الصلاحية متفق عليها ومحل ثقة واطمئنان للشعب وقواه السياسية.
وإعادة تفسير المادة 76 من الدستور، وإلغاء ما وصفه بـ»الالتفاف المخجل في التلاعب بحكم هذه المادة والذي حدث بضغوطات سياسية بعد انتخابات 2010».
وكانت هذه المادة قد حرمت التيار الصدري صاحب اعلى المقاعد في الانتخابات الاخيرة (73 نائبا) من تشكيل الحكومة بسبب تفسير سابق للمحكمة الاتحادية.
وتنص المادة 76 من الدستور على: أولاً: - يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
ثانياً: -يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية أعضاء وزارته، خلال مدةٍ أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف.
ثالثاً: -يُكلف رئيس الجمهورية، مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً، عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها في البند «ثانياً» من هذه المادة.
رابعاً: -يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالأغلبية المطلقة.
خامساً: -يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحٍ آخر بتشكيل الوزارة، خلال خمسة عشر يوماً، في حالة عدم نيل الوزارة الثقة.
اضافة الى ذلك طالب رئيس البرلمان بإقرار قانون الموازنة العامة الاتحادية، وإبقاء أو تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، والنقطة الاخيرة تقترب من مطالب الصدريين الذين لا يشجعون على تغيير قانون الانتخابات.
كما دعا الحلبوسي الى تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا وحسب المادة 92 من الدستور، وإعادة انتشار القوات العسكرية والأمنية، وعودة النازحين، وتنظيم العلاقة بين بغداد والاقليم.
أزمة ثقة
وفيما يخص موقف الإطار التنسيقي من اشتراطات رئيس البرلمان، قال الوزير السابق وعضو تحالف الفتح محمد مهدي البياتي، ان مطالب الحلبوسي «لن تحل المشكلة».
البياتي وهو وزير حقوق الانسان السابق بيّن في حديث مع (المدى) انه: «ليس هناك اتفاق حتى الان لحضور او عدم حضور الإطار إلى الجلسة الجديدة للحوار».
وقال بالمقابل ان: «اية دعوة حوار يجب ان يسبقها تنازل كامل عن لغة السلاح والتهديدات في التغريدات ومحاولات الغاء الاخر» في اشارة الى التيار الصدري.
واضاف البياتي: «مطالب رئيس البرلمان لن تنهي الازمة لان ما جاء في اشتراطاته لن يحل مشكلة انعدام الثقة الذي تفاقم بعد احداث الخضراء».