علاء المفرجي
- 1 -
ادباء كثيرو ن وقعوا في غشق السينما، البعض منهم راح متوددا لها، فعمل فيها (أخرج، أنتج، بل وحتى مثل فيها)، سنتوقف عند كل واحد من هؤلاء: جان كوكتو، مارغريت دوراس، وماركيز، وسونتاخ وسيمون دي بوفورار، اندريه مالرو.. واخرين.
اتوقف هنا، فعندما قرأت الجزء الثاني، المنشور حديثا، من يوميات سوزان سونتاغ، الذي تَرِد فيه إشارات كثيرة الى السينما حيث
المقالين الشهيرين لسونتاغ عن عملها ( مقال 1964 عن فيلم " تحيا حياتها " ومقال 1968 عن أفلامه حتى ذلك التاريخ ) غير مقبولين. كتبت سونتاغ عن فيلم " تحيا حياتها " – فيلمه الميلودرامي، في العام 1962، حول نانا ( أدّت دورها زوجة غودار النحيفة، آنا كارينا )، فتاة عاملة في محل وممثلة طموحة تهجر زوجها، وإذ تعجز عن الاقتصاد في الإنفاق، تتحول الى الدعارة – كما لو كان نظاما مغلقا. عاملت غودار كأستاذ شكلاني، مثل إبن لروبير بريسون أو إبن عم لميكيل آنجلو انطونيوني والان رينييه، وإنتقدته على إقحامه إشارة شخصية على نحو جلي في الفيلم ( إقتباس مطوّل من قصة ادغار الن بو " البورتريه البيضاوي "، يربط قصة نانا بعلاقة غودار وكارينا في الحياة الحقيقية ). وصفت سونتاغ غودار بناقد سابق ممارس لكنه لم يكلف نفسه الحديث عن أفكاره النقدية، عن السينما التي أحَّب، أو عن الكيفية التي كانت بها أفلامه ملهَمة بهذه السينما – الى درجة كبيرة، سينما هوليوود.
يقول ريتشارد برودي وهو صحفي وناقد سينمائي أمريكي: تحصر سونتاغ أكثر الافلام الهوليوودية الكلاسيكية في خانة تحت إسم ’’ معسكر ‘‘ ( في " ملاحظات عن ’ معسكر‘ " في يومياتها )، تماما مثلما حصرت بولين كيل، وتقريبا في الوقت ذاته، نفس الأفلام بتسميتها ’’ سقط المتاع ‘‘. بإختلاقها غوداراً أرضى تصوّرها عن الحداثي الاوربي الرفيع، أسقطت سونتاغ من الإعتبار وجهات نظره النقدية، عن ’’ نظرية المؤلف ‘‘، التي ميّزت بعض الجوانب الفنية في أعمال المخرجين التجاريين، التي أنجِزت في غفلة عن الاستوديوهات المنتجة، وإعتبرتها صنوا لعمل أي فنان، في أي شكل من أشكال الفن. كما تجاهلت سونتاغ على نحو مقصود ولع الموجة الجديدة بسينما الفرد هتشكوك وهوارد هاوكس، نيكولاس راي وأوتو بريمنغر، سامويل فوللر و ستانلي دونين، بالإضافة الى إعجاب المخرجين الفرنسيين الشباب بالشخصيات غير المألوفة لهؤلاء الفنانين الهوليووديين.
يضيف برودي: لكني أعدتُ النظر في مقال قديم لسونتاغ عن غودار بفضول متجدد بعد قراءة هذا الجزء الأخير من يوميات سونتاغ، الذي يغطي الفترة من عام 1964 الى 1980. يثبت في النهاية أن هذا الجزء الجديد يقدّم خارطة طريق مفاجئة لتطوّر افكار سونتاغ. ما تكتبه هناك يقدّم لنا خلفية لاراءها الضيّقة، على نحو غريب ومنطو على مفارقة تاريخية، عن السينما – ويرينا كذلك كم كانت تلك الآراء رئيسية لهويتها كناقدة، وحتى كشخص.
في يومياتها، تعدّ سونتاغ قوائما غزيرة عن الافلام التي شاهدتها، وكانت لها عادة مؤثرة ( رغم انها لم تكن غريبة عن عشاق السينما في ذلك الوقت ). شاهدت هي الكثير من الأفلام من كل نوع – على سبيل المثال، كتبت قائمة بواحد وعشرين قيلما شاهدتها بين 17 أيلول و12 تشرين الثاني، 1965، بما فيها أفلام جديدة مثل " الجندي الصغير " لغودار، " باني ليك مفقود " لبريمنغر، " النجدة! " لريتشارد لستر، ولمخرجون قدامى، مثل " القائد الأخير " لجوزيف فون سترنبرغ، " وراء شك معقول " لفريتز لانغ، " الأعماق السفلى " لجان رينوار.