اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا حدث لنا؟

العمود الثامن: ماذا حدث لنا؟

نشر في: 14 سبتمبر, 2022: 12:12 ص

 علي حسين

لا أعرف عدد المرات التي قرأت فيها مؤلفات جان بول سارتر، متمعناً في الدروس والعبر التي تقدمها لنا مؤلفات هذا الكاتب الذي كان يمنّي النفس في أن يصبح شاعراً، فالأدب أكثر خلوداً من الفلسفة، هكذا قال ذات يوم لسيمون دي بوفوار، وكنت دائما أسأل نفسي ماذا يمثل هذا المثقف ؟

هل هو المفكر الملتزم أم البوهيمي الذي قضى حياته يتنقل من مقهى إلى مقهى، أم المناضل السياسي الذي دافع بشراسة عن الجزائر وكوبا وفيتنام؟ هل هو الفيلسوف الذي كتب أصعب المؤلفات وأعقدها "الكينونة والعدم" أم كاتب المسرحيات التي حظيت بإقبال جماهيري كبير؟.

تذكرت سارتر وأنا أقرأ آراء مفزعة لمن يحسبون أنفسهم في خانة المثقفين ، البعض منهم صمت في مواجهة مثيري الفتنة الطائفية، والبعض الآخر ذهب أبعد من ذلك بتأيده الشديد، ولم يكتف بذلك بل اخذ يلقي علينا دروساً في التاريخ الذي لا نعرفه، حسب قوله... تساءلت مع نفسي؛ ماذا حدث لأصحاب الرأي؟، ما هو دور المثقف العراقي؟ ولماذا ارتضى البعض أن يُقصي نفسه عن أحداث بلاده؟، ويفضل عدم الانغماس في مشاكل البلاد، ولماذ تحول بعض أصحاب الرأي إلى فئة مستعدة لتقديم ما تطلبه السلطة والطائفة ؟ .

نقرأ سارتر فنرى كيف تتقدم الأمم ونحن قعود. وإذا قمنا فلكي نقاتل بعضنا البعض. دائماً محملين بأطنان من الأكاذيب وأكوام الخطب. ولا شيء سوى السبات في الجهل والتخلّف والطائفية .

ظل سارتر يرفع شعار "لا" لجميع أنواع الفشل والخراب ، فقد ولد الإنسان حراً ليس من أجل أن يصبح رهينة لسياسي أحمق، أو مجموعة من ناقصي الخبرة والإنسانية .

كان العراقيون ينتظرون نهاية حقبة الدكتاتورية، كي يخرجوا إلى النور، فقد أرهقتهم الحروب العبثية، فإذا بهم يجدون أن الوطن يخطف من قبل ساسة مصرّين على أنهم الأوصياء على أحوال الأمة والعباد.

وأعود إلى فيلسوف الوجودية لأجده يخبرنا أن الخطر الحقيقي الذي يطيح بالبلدان هو الفشل والجهل ، حيث تجد الناس نفسها أسرى لأصحاب الصوت العالي، فيما الفاشل يصرّ على أن يبيع للمواطن أمجاداً زائفة .

يكتب هربرت ماركيوز الذي اشعلت كتبه ثورة الطلبة في فرنسا عام 1968 ان : "موت المثقف يكمن في تخليه عن وظيفته المتمثّلة في تحرير الوعي من الأوهام، ورفض الأوضاع السائدة والانعتاق منها. إنّ مهمّة المثقف هي صون الحقيقة من الضياع، المثقف هو من يرفض التسوية مع الفئات المسيطرة".

للأسف هناك فئات لا تزال تمارس لعبة "لا أرى لا أسمع لا أتكلم"، وترفض أن تصدّق أننا نعيش عصر المهزلة السياسية بامتياز .

ماذا حدث لنا ايها السادة ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram