عبد المنعم الأعسم
لسوء حظ بلادنا انها دخلت في اعقد و»انحس» مرحلة لتقرير مستقبلها، حيث ضاع رأس الخيط بين كومة الازمات وتنافر الارادات وسقوط آخر المراهنات على وجود حكمة وحكيم يخرجانها من دائرة الضياع والخوف، واساس هذا الحال يكمن في ان بيت القرار الدستوري (جماعة الاطار) اصبح بيوتاً،
فيما، ضرب التصدع والانشقاق البيوت الاخرى، فلا احد يعرف ما الذي يجري وعلى يد من؟ ولا أحد يعرف من اين البِدء لعبور «الانسداد» ومن أي المعابر وصولا الى الحكم الرشيد «المنقذ» وفي التفاصيل، تزدحم المقترحات والمشاريع والتضرعات على باب «مجلس القضاء» الذي قضى بما فيه الكفاية لتعقيد الامر واطالة الجر والعر.
في الظاهر، ليس ثمة اتفاق حدٍ ادنى نحو عقد جلسة للبرلمان، وهي مفتاح التسويات، والاتفاق غائب عن مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، وهناك ما يشبه الرفض المتزايد للمرشح الوحيد المعلن الى رئاسة الوزراء. اما الاجتماعات والكواليس وخطوط الاتصال فهي الاخرى متشابكة عند نقاط البحث، وتنتقل من دوامة الى دوامة، ومن توتر الى توتر، تسبقها الشائعات المثيرة، وتلحقها التسريبات المخيفة، وتقوم وسائل الاتصال واقنية الاعلام بواجب تهيئة الجمهور لما هو اسوأ في قادم الايام، حتى ليتساءل المراقب الموضوعي عمن يحكم البلاد، ومن يدير عجلة الاقدار، وهل ثمة حاجة إلى معجزة في زمن اللامعجزات، أم إلى وسيط من عيار ثقيل يعيد العقول إلى مكانها، أو إلى رياح تلقي بها إلى خارج المعادلة، وهو الحل الاكثر استجابة لواقع الحال، بديلا عن الضياع، وما هو اسوأ.
في كتاب اصدره الباحث المصري حسام أدهم واسماه بـ«كتاب الفلول- قصة المتحولين سياسيا» يتحدث عن سوء حظ بلد تحكمه الفلول المبعثرة. تنشق عن بعضها كلما طالت المعارك، وتنقلب على اهدافها كلما استعصى الوصول اليها، او حيل بينها وبين نهاية آمنة سعيدة:
عصفُ الفوارسِ بالجنود فما ترى......
إلا فلولاً من وراء فلولِ
حال الكتل العراقية المتنفذة واحزابها (الان) حال الفلول في طيات هذا الكتاب، وأيضا في تعريف «معجم المعاني» وهي ما انفصل عن الاصل و«تناثر منه» او ما ذكره هذا المعجم عن «تفلل القوم مهزومين من المعركة» و «تفتل الحبل، أي انه التوى» وحين يُكتب لبلاد ان تحكمها الفلول فاقرأ عليها السلام..
اما الذين يراهنون على حل تحققه الفلول التي هزمتها الانتخابات والشوارع والتجارب والفرص والنصائح فهم كمن يراهن على فطائس تدخل سباق الخيل.
استدراك:
« من يأبى اليوم قبول النصيحة التي لاتكلفه شيئا فسوف يضطر في الغد إلى شراء الأسف بأغلى سعر».
أفلاطون